وإنما يجوز مثل ذا عندي في ضرورة ؛ لأن هذه الأشياء التي اتسعت فيها العرب مجراها مجرى الأمثال ولا ينبغي أن يتجاوز بها استعمالهم ولا تصرف تصرف ما شبهت به فثالث ورابع مشبه بفاعل وليس به وتقول : مررت بالضاربين أجمعون زيدا فتؤكد المضمرين في (الضاربين) ؛ لأن المعنى : (الذين ضربوا أجمعون زيدا).
ولو قلت : مررت بالضاربين أجمعين زيدا لم يجز ؛ لأن الصلة ما تمت ولا يجوز أن تؤكد (الذين) قبل أن يتم بالصلة ألا ترى أنك لو قلت : (مررت بالذين أجمعين في الدار) لم يجز أنك وصفت الاسم قبل أن يتم.
وتقول : (زيد الذي كان أبوه راغبين فيه) فزيد : مبتدأ و (الذي) خبره ولا بد من أن يرجع إليه ضمير أما الهاء في (أبويه) ، وأما الهاء في (فيه) لا بد من أن يرجع أحد الضميرين إلى (الذي) والآخر إلى (زيد) فكأنك قلت : (زيد الرجل الذي من قصته كذا وكذا) ، فإن جعلت (الذي) صفة لزيد احتجت إلى خبر فقلت : زيد الذي كان أبواه راغبين فيه منطلق.
فكأنك قلت : (زيد الظريف منطلق) ، فإن جعلت موضع زيد (الذي) فلا بد من صلة ولا يجوز أن تكون (الذي) الثانية صفة ؛ لأن (الذي) لا يوصف حتى يتم بصلته فإذا قلت :الذي الذي كان أبواه راغبين فيه فقد تم الذي الثاني بصلته والأول ما تم فإذا جئت بخبر تمت صلة الأولى (بالذي الثانية) وخبرها فصار جميعه يقوم مقام قولك : زيد فقط واحتجت إلى خبر ، فإن قلت : أخوك تم الكلام فقلت : الذي الذي كان أبواه راغبين فيه منطلق أخوك كأنك قلت : (الذي أبوه منطلق أخوك) ، فإن جعلت موضع (منطلق) مبتدأ وخبرا ؛ لأن كل مبتدأ يجوز أن تجعل خبره مبتدأ وخبرا قلت : (الذي الذي كان أبواه راغبين فيه جاريته منطلقة أخوك).
فكأنك قلت : (الذي أبوه جاريته منطلقة أخوك) ، فإن جعلت موضع (أخوك) مبتدأ وخبرا قلت الذي الذي كان أبواه راغبين فيه جاريته منطلقة عمرو أخوه فالذي الثانية صلتها (كان أبواه راغبين فيه) وهي مع صلتها موضع مبتدأ وجاريته مبتدأ ومنطلقة خبر جاريته وجاريته ومنطلقة جميعا خبر الذي الثانية والذي الثانية وصلتها وخبرها صلة للذي الأولى فقد