وقال اللَّيْثُ
: ذَرَأْتُ الأَرْضَ ، أي بَذَرْتها.
وزَرْعٌ ذَرِيءٌ.
قال : والذَّرْءُ : عَدَدُ
الذُّرِّيّة ، تقول : أَنْمَى
الله ذَرْءَك وذَرْوَكَ ، أي ذُرِّيّتَك.
والذُّرِّيَة تَقَع على الآبَاء والأبْناء والأوْلاد والنِّساء.
قال الله جَلّ
وعزّ : (وَآيَةٌ لَهُمْ
أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١)) [يس : ٤١] أَرَاد آبَاءَهم الذين حُمِلوا مع نُوح في السَّفِينة.
وقال عُمر :
حُجُّوا بالذُّرِّيَّة لا تَأْكُلوا أرْزَاقها وتَذَرُوا أَرْبَاقها في
أَعْناقِها.
قال أبو عُبَيد
: أَراد بالذّريةَ هاهنا النِّساء ، واسْتَدلّ بحديث مَرْفوع : كُنّا مع
رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غَزاة فرأى امْرأة مَقْتولةً ، فقال : «ما كانت هذه
لتُقاتِلَ». ثم قال لرَجُلٍ : «الحَقْ خالداً فقُل له : لا تَقْتُلنّ ذُرِّيةً ولا عَسِيفاً».
وذَهب جماعة
مِن أهل العَربيّة إلى أنّ «ذُرّية» أَصْلها الهَمز. رَوى ذلك أبُو عُبَيد عن أَصْحابه ،
منهم : أبو عُبَيْدة ويونُس وغيرهما من البَصْرِيِّين.
وذَهب غيرُهم
إلى أن أصل «الذُّرّية» فُعْلِيّة ، من الذَّرّ ، وقد مَرَّ تَفْسِيرُها في
أَوَّل كتاب الذال.
وقال الله
تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى
آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣)) ثم قال : (ذُرِّيَّةً بَعْضُها
مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران : ٣٤].
قال أبو إسْحاق
: نَصَب ذُرِّيَّةً على البَدَل. المَعْنَى : أنّ الله اصْطَفى ذُرِّية بعضُها مِن بَعْض.
قلتُ : فقد
دَخل فيها الآبَاء والأبْنَاء.
قال أبو إسْحاق
: وجائزٌ أنْ تُنْصَب ذُرِّيَّةً على الحال ، المَعْنى : اصْطفاهم في حال كون بَعْضهم
مِن بَعْض.
وقولُه عزوجل : (أَلْحَقْنا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ) [الطور : ٢١] يُريد : أَوْلَادَهم الصِّغار.
وقال اللَّيْثُ
في هذا الباب : يقال : ذَرَاتُ
الوَضِينَ ،
إذا بَسَطتَه على الأرْض.
قلتُ : هذا
تَصْحيف مُنكر ، والصَّواب : ذرَأْتُ
وضِينَ
البَعِير : إذا بَسَطْتَه ثم أَنَخْته لتَشُدّ الرَّحْل عليه ، وقد مَرَّ تَفْسيره
في كتاب «الذال».
ومن قال : «ذرأت» بهذا المَعنى فقد أَخطأ وصَحَّف.
الأصْمعيّ : ذَرِىء رَأسُ فلانٍ ، فهو
يَذْرَأ ذَرَءاً ، إذا ابْيَضّ ؛ وقد عَلَتْه ذُرأَةٌ ، أي شَيْبٌ ؛ وأَنشد :
وقد عَلَتْني
ذُرأَةٌ بَادِي بَدِي
|
|
ورَئْيَةٌ
تَنْهَضُ في تَشَدُّدِي
|
قال : ومنه
يُقَال : جَدْيٌ أَذْرَأُ ، وعَنَاقٌ