من الحشو ، وبيّنت فيه الصواب من الخطأ ، بقَدر معرفتي ، ونقيته من التصحيف المغيّر ، والخطأ المُستفحش والتَّغيير والمُزال عن جهته.
ولو أَني كثّرت كتابي هذا وحَشوته بما حوته دفاتري ، وَاشتملت عليه الكتب التي أَفْسدها الورّاقون ، وغيَّرها المصحِّفون ، لطال الكتاب وتضاعف على ما انتهى ، وكنت أَحد الجانين على لسان العرب.
والله يُعيذنا من ذلك ، ويوفّقنا للصّواب ، ويؤم بنَا سَمْت الحق ، ويتغمَّد برأفته زللنا بمنّه ورَحمته.
واعلم أيها الناظر في كتابي هذا أني لا أَدّعي أني حَصَّلت فيه لغات العرب كلّها ، ولا طَمِعت فيه ، غير أني اجتهدت أن يكون ما دوّنته مهذباً من آفة التصحيف ، منقىًّ من فساد التَّغيير.
فمن نظر فيه من ذوي المَعرفة فلا يَعجلن إلى الرد والإنكار ، ولْيَتَثبَّث فيما يخطر بباله ، فإنه إذا فعل ذلك بان له الحقّ وانتفع بما استفاد.
ومهما قصرنا عنه فإنما هو العجز الإنسان عن الكمال ، وما كان من إحساس فبتوفيق الله وتسديده ، والنية في كل ذلك منها الاجتهاد في بلوغ الحق.
وَأَسأَل الله ذا المَنّ وَالطَّوْل أَن يعظم لي الأجر على حسن النية ، ولا يحرمني ثواب ما توخّيته من النَّصِيحة لأهل العلم والأدب ، وإياه أَسأَل مُبدياً ومُعيداً أن يصلّي على محمد النبي وعلى آله الطيبين أطيب الصلاة وأزكاها ، وَأن يُحلنا دار كرامته ، وَمُستقر رحمته ، إنه أكرم مسؤول ، وَأقرب مُجيب.