قال أبو الهيثم : وأين هذا ممّا ذهب إليه أبو عُبيد ، وإنما معنى هذا كقولهم : ويح أُمه ، ويل أمّه ، وهَوت أُمه ، والوَيل لها ، وليس في هذا من المدح ما ذَهب إليه ، وليس يُشبه هذا قولهم : لا أُم لك ، لأن قوله : لا أم لك ، في مذهب : ليس لك أُمٌ حرة ، وهذا السبّ الصريح ، وذلك أن بني الإماء عند العرب مَذْمُومون لا يَلحقون ببني الحرائر ، ولا يقول الرَّجلُ لصاحبه : لا أُم لك ، إلا في غضبه عليه مُقصِّراً به شاتماً له.
قال : وأما إذا قال : لا أَبا لك ، فلم يَتْرك من الشَّتيمة شَيئاً.
يم : الليث : اليَمُ : البَحر الذي لا يُدْرك قَعْره ولا شَطّاه.
ويقال : اليَمُ : لُجّته.
ويُمَ الرَّجُل ، فهو مَيْمُوم ، إذا وقع في البَحر وغَرِق فيه.
ويُقال : يُمَ الساحلُ ، إذا طَما عليه البحرُ فغَلَب عليه.
قلت : اليَمّ : البَحر ، وهو معروف ، وأصله بالسُّريانية ، فعرّبته العرب ، وأصله : «يَماً».
ويقع اسم «اليم» على ما كان ماؤه مِلْحاً زُعافاً ، وعلى النَّهر الكبير العَذْب الماء.
وأُمرت أُم مُوسى حين وَلدتْه وخافت عليه فِرعون أن تجعله في تابوت ثم تَقذفه في اليَمّ ، وهو نَهر النّيل بمصر ، وماؤه عَذب ؛ قال الله تعالى : (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُ بِالسَّاحِلِ) [طه : ٣٩] فجعل له ساحلاً ؛ وهذا كله دليلٌ على بُطلان قول الليث في «اليم» : إنه البحر الذي لا يُدرك قَعْره ولا شَطَّاه.
وأما «اليمام» من الطَّير ، فإن أبا عُبيد قال : سمعتُ الكسائي يقول : اليمَام : من الحَمام التي تكون في البُيوت ، والحمام : البرّي.
قال : وقال الأصمعي : اليمام : ضَرْب من الحمام ؛ بَرِّي.
وأما «الحمام» فكُل ما كان ذا طَوق ، مثل القُمْريّ والفاختة.
وقال غيره في «اليمامة» وهي القرية التي قَصبتها : حَجْر ، يقال : إن اسمها فيما خَلا كات «جَوًّا» فسُمِّيت : يمامة باسم امرأة كانت تَسكنها ، واسمها «يمامة» ، والله أعلم.
أما : قال الليث : الأمَة : المرأة ذاتُ العُبوديّة.
وقد أَقرّت بالأُمُوَّة.
وقال غيره : يُقال لجمع «الأمة» : إماء ، وإمْوان ، وثلاث آمٍ ، وأَنْشد :
تَمْشي بها رُبدُ النَّعا |
مِ تَماشِيَ الآم الزَّوافِر |