أبي زيد : في قوله تَعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص : ٣] ، قال : التاء فيها صلة ، والعرب تَصِل هذه التاء في كلامها وتَنزعها ؛ وأَنْشَد :
طَلبوا صُلْحنا ولاتَ أَوانٍ |
فأَجَبْنَا أن لَيْس حين بَقَاء |
قال : والأصل فيها «لا» ، والمعنى فيها «ليس».
والعرب تقول : ما أستطيع ، وما أسْطيع.
ويقولون : «ثمت» في موضع «ثم» ، و «ربت» في موضع «رب» ، و «يا ويلتنا» ، و «يا ويلتا».
أبو الهيثم ، عن نصر الرّازي : في قولهم : لات هَنَّا ، أي : ليس حينَ ذلك ، وإنما هو : لا هَنَّا ، فأَنَّث «لا» فقيل : لاةَ ، ثم أُضيف فتحوّلت الهاء تاءً ، كما أنَّثوا «رب» : ربّة ، و «ثُم» : ثُمّة.
قال : وهذا قولُ الكسائيْ.
وقال الفراء : مَعنى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) ، أي ليس بحين فِرار.
قال : وتَنْصب بها لأنها في مَعنى «ليس» ؛ وأَنْشد :
* طَلَبوا صُلْحنا ولات أَوَان*
وقال شَمر : اجتمع علماء النَّحويين على أنّ أصل هذه التاء في «لات» هاء ، وُصلت ب «لا» فقالوا : «لاة» لغير معنى حادث ، كما زادوها في «ثم» و «ثمة» ، ولزمت ، فلما وصلوها جعلوها تاءً.
إما لا : قال اللَّيث : قولهم إمّا لا فافْعل كذا ، إنما هي على مَعنى : إن لا تفعل ذاك فافْعل ذا.
ولكنهم لمّا جمعوا هؤلاء الأحرف فيصرْن في مَجرى اللَّفظ مُثقّلةً ، فصار «لا» في آخرها كأنه عَجُز كلمة فيها ضمير ما ذكرت لك في كلام طَلبت فيه شيئاً ، فرُدّ عليك أمرُك ، فقلت : إمّا لا فافْعل ذا.
قال : وتقول : الْقَ زيداً وإلّا فلا.
معناه : إن لم تَلْق زيداً فدَعْ ؛ وأَنشد :
فطلِّقها فلَسْت لها بكُفءٍ |
وإلّا يَعْلُ مَفْرِقَك الحُسَامُ |
فأَضمر فيه : وإلا تُطَلِّقْها يَعْل ، وغير البيان أَحْسن.
أبو الزُّبير ، عن جابر بن عبد الله : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم رأى جَمَلاً نادّاً فقال : لمن هذا الجمل؟ فإذا فِتْيةٌ من الأنصار قالوا : اسْتَقَينا عليه عشرين سنةً وبه سَخِيمةٌ فأَرَدْنا أن نَنْحَره فانْفَلت منّا ؛ فقال : أَتَبِيعونه؟
قالوا : لا بَلْ هو لك ؛ فقال : إمّا لا فأَحْسِنوا إليه حتى يأتي أَجَلُه.
قلت : أراد : إلّا تبيعوه فأَحْسنوا إليه.
وقال أبو حاتم : العامة رُبما قالوا في موضع : افعل ذاك إمّا لا : افعل ذاك بارى ، وهو فارسيّ مَرْدُود.