وللمبرد توضيح آخر وتعليل لصرف الثلاثي فيقول : «وما كان مؤنثا لا علامة فيه سميت به مذكرا ، وعدد حروفه ثلاثة أحرف فإنه ينصرف إذا لم تكن فيه هاء التأنيث ، تحركت حروفه أو سكن ثانيها. وذلك نحو : دعد ، وشمس وقدم ، وقفا فيمن أنثها. إن سميت بشيء من هذا رجلا انصرف وكذلك كل مذكّر سوى الرجل. فإن كان على أربعة أحرف فصاعدا ومعناه التأنيث لم ينصرف في المعرفة وانصرف في النكرة ، وذلك نحو رجل سميته عقربا ، أو عناقا ، أو عقابا ، فإنه ينصرف في النكرة ، ولا ينصرف في المعرفة وإنما انصرف في الثلاثة لخفته ؛ لأن الثلاثة أقل أصول الأسماء» (١) فتحليله لصرف الثلاثي هو الخفة لكونه ثلاثيّا ، ولو صرف ونون فإن ثقل التنوين (لأن التنوين عبارة عن نون ينطق بها ولا تلفظ فهو إذن حرف) ، هذا الثقل تقابله خفة الثلاثي ليصير التعادل بينها بخلاف الرباعي فهو ثقيل لكثرة حروفه ولو نوّن لزاده ثقلا ، وهذا ما لا يريده العرب الذين يميلون إلى الخفة. أضف إلى هذه العلة علة أخرى ذكرها سيبويه ، وهي عدول الاسم عن أصل وضعه ، فالاسم المؤنث وضع أصلا للمؤنث ، والمذكر خصصت له أسماء أخرى عرف بها ، فتسمية المذكر بالمؤنث عدول عن الأصل ، فهو ثقل معنوي بجانب الثقل اللفظي وهو التنوين ولهذا منع من الصرف ، وإذا علمنا أن الأصل هو الصرف والمنع فرع رأينا كيف حصلت المطابقة بينها حيث جعل الفرع وهو المنع من الصرف للفرع وهو المؤنث المسمى به مذكرا الزائد على ثلاثة أحرف.
__________________
(١) المقتضب ٣ / ٣٢٠.