أنه لما كان يوصف به نكرة ، وكان حقه إذا عدل عن لفظهما أن ينوي معناهما مع زيادة كما رأينا الزيادة في «مثنى» بمعنى اثنين اثنين فلما لم تكن فيه زيادة فكأن هذا كان عدلا ثانيا. والحقيقة أن هذا تكلف لا داعي له ، فمتى كان يعرف العربي الفصيح مثل هذه الأمور في اللغة التي نشأ عليها؟
«وقال ابن مالك : التحقيق أنه معدول عن «آخر» مرادا به جمع المؤنث لأن الأصل في «أفعل التفضيل» أن يستغني فيه بأفعل عن فعل لتجرده عن الألف واللام والإضافة ، كما يستغني بأكبر عن كبر في نحو : رأيتها مع نسوة أكبر منها «فلا يثنى ولا يجمع لكونهم أوقعوا «فعل» موقع «أفعل» فكان ذلك عدلا من مثال إلى مثال وتابعه أبو حيان وقال : فأخر» على هذا معدول عن اللفظ الذي كان المسمى به أحق وهو «آخر» لاطراد الإفراد في «أفعل» يراد بها المفاضلة في حال التفكير. قال ، وهذا العدل بهذا الاعتبار صحيح ؛ لأنه عدل عن نكرة إلى نكرة» (١) فالعدل في نظر ابن مالك وأبي حيان هو عدل «أخر» عن «آخر» لأن الأصل أن يستغنى بأفعل عن «فعل» .. وأيد أبو حيان قولهما هذا بأنه عدل عن نكرة إلى نكرة.
«وقال ابن جني هو معدول عن «أفعل» مع مصاحبة «من» لأنه إذا صحبته صلح لفظه للمذكر والمؤنث والتثنية والجمع كقولك : مررت بنسوة أخر ، من غير «من» فعدل عن هذا اللفظ إلى لفظ «آخر» وجرى وصفا بالنكرة ، لأن المعدول عنه نكرة» (٢).
__________________
(١) الهمع ١ / ٢٦.
(٢) نفس المصدر ١ / ٢٦.