بينما جوّزوا في نحو قولنا : «طلعت الشمس أو طلع الشمس» هذا ما لم يضف إلى التأنيث أمور أخرى تقوّي جانب المنع فيها ، وذلك نحو «بغداد» فالعجمة تمنعها (١). «فأما المدينة والبصرة والكوفة ومكة فحرف التأنيث يمنعها» (٢). فأمور كالعجمة ، وتاء التأنيث رجحت كفة المنع ؛ لأن لها تأثيرا في الأسماء ، وإلا فلم منع من الصرف نحو «حمزة وطلحة وعطية» إذا لم يكن لتاء التأنيث حيث إنها أعلام الذكور؟.
ولكن هناك اختلافا بين بعض العلماء حول تأنيث بعض هذه الأسماء وتذكيرها وما يترتب عليه من صرفها أو منعها من الصرف ، فبينما نجد سيبويه يقول «ومنها ما لا يكون إلا على التأنيث نحو عمان والزاب وإراب» (٣) وأيده أبو إسحق الزجاج «فمن أسمائها (أي أسماء الأرضين) ما لا تقول فيه إلا هذه ولا يستعمل إلا مؤنثا» (٤) وبناء على ذلك فإنه يتحتم منعها من الصرف. وقد أشار إلى هذا الأمر الإمام السيوطي «وكذا إن أريد باسم البلد المكان كبدر صرف ، أو البقعة كفارس وعمان منع» (٥) نرى المبرد في المقتضب يذهب إلى جواز التذكير والتأنيث فيقول : «وعمان ودمشق فالأكثر فيهما التأنيث يراد البلدتان والتذكير جائز يراد البلدان» (٦) وأرى أن الخلاف هنا ليس خلافا جذريّا بل هو في تغليب جانب على آخر
__________________
(١) المقتضب ٣ / ٣٥٨.
(٢) نفس المصدر ٣ / ٣٥٨.
(٣) سيبويه ٢ / ٢٤.
(٤) ما ينصرف وما لا ينصرف ٥٢.
(٥) الهمع ١ / ٣٤.
(٦) المقتضب ٣ / ٣٥٨.