حكمة عدولها؟ وما حكمة منع الصرف للدلالة على جمع أهملته وعدلت عنه؟ وهل يعرف العرب الأوائل القياس وغير القياس كما اصطلح النحاة عليه؟ وأن الجمع القياسي لفعلاء هو : الجمع بالألف والتاء ، وغيره مخالف للقياس؟ ولم لا يكون القياس هو ما فعلته العرب في هذه الألفاظ؟ وهل يفكر العربي ، ويطيل التفكير على هذا الوجه قبل أن ينطق بالكلمة وجمعها؟ و.. و.. كل هذا غير معقول ولا واقعي ، .. وأن بعض النحاة أرادوا أن تكون القاعدة مطردة فتكلفوا وتجاوزوا المقبول. ولما كان مرد الأمر كله لنطق العربي الفصيح كانت العلة الحقيقية هي السماع عنه ، ومثل هذا يقال في كل ما كان العدل على من علل منع صرفه» (١). ونلاحظ أن تلك الافتراضات والتأويلات المذكورة في هذا الباب والتي رأينا كثيرا منها عند السيوطي ، هي تأويلات فيها كثير من التعنت والتكلف ، وقد تكون تأويلات من علماء مختلفي المذهب نرى أن لكل عالم ومذهب تفسيرا خاصّا به ، ومجموع هذه التفسيرات أدى إلى ظهور الأمر بهذا الشكل من التكلف ، ولكننا لو نظرنا إلى تفسير عالم متقدم كسيبويه مثلا فإننا لا نرى الأمر بهذا التكلف فهو يقول مثلا : «وسألته عن جمع وكتع فقال هما معرفة بمنزلة كلهم وهما معدولتان عن جمع جمعاء وجمع كتعاء وهما منصرفان في النكرة» (٢) فالمسألة وإن كان فيها شيء من البعد عن الحقيقة إلا أنها ليست كثيرة التكلف ؛ لأن القاعدة الصرفية تقول إن ما كان على زنة «فعلاء» وكانت الهمزة فيه للتأنيث فإنها تقلب واوا عند الجمع وتجمع بالألف والتاء ، فلعدم جمعها على : «فعلاوات» قالوا بعدلها.
__________________
(١) النحو الوافي ٤ / ١٩٤.
(٢) سيبويه ٢ / ١٤.