الباب الثّانى
مؤلّفاته نظما ، ونثرا ، وشعره
ابن مالك من
أعظم نحاة القرن السابع الهجرى شهرة إن لم يكن هو أعظمهم جميعا ، فقد منحه الله
العمر الطويل ، والصبر الجميل ، والعقل الراجح ، والقدرة الفائقة على القراءة
والبحث والاطلاع ، فجاء إنتاجه على غزارته وعمقه ودقته سهلا مقبولا ، فوافق
الاهتمام والذيوع والرّواج بصورة لم يسبق لها مثيل فى تاريخ التأليف ؛ فى مجال
اللغة والنحو على الخصوص.
وقد أشار ابن
الجزرى إلى أن تأليفه «الكافية الشافية» وهى نظم فى النحو والصرف ، يبلغ ثلاثة
آلاف بيت ـ كان فى حلب ، وتأليفه «الألفية» (وهى خلاصة للكافية الشافية) كان فى
حماة عند رجوعه إلى دمشق مارّا بها ، وتأليفه «التسهيل» كان عند استقراره بدمشق ،
وتوليه المشيخة الكبرى للمدرسة العادلية فى قسم القراءات العربية.
هذا وقد وهب
الله ابن مالك قدرة عجيبة فائقة على النظم العلمى الرّائق فى شتى الفنون ، وهو ما
يسمى بالنظم التعليمى ، فقد جاءت كثير من مؤلفاته النحوية واللغوية نظما ، ومع
جفاف مسائل هذه العلوم ، وصعوبة موضوعاتها جاءت نظما رائقا سائغا عذبا ، حتى يوشك
أن يضاهى الشعر العاطفى ، كما نلحظ ذلك فى منظومته : «تحفة المودود فى المقصور
والممدود».
ولعل هذا من
أهم العوامل التى ساعدت على رواج مؤلفات ابن مالك ، وبخاصة الألفيّة (الخلاصة)
التى حجبت أضواؤها ـ أو كادت أن تحجب ـ ما سبقها من مؤلفات فى النحو.
ولنسرد مصنفات
الرجل سردا سريعا يتلاءم وهذه العجالة :
أوّلا : مؤلّفاته النّحويّة :
١ ـ الكافية الشافية فى النحو والصرف
: وهى منظومة
طويلة تقرب من ثلاثة آلاف بيت من مزدوج الرجز ، تضم النحو والصرف ، هذا وقد ذيّلها
العلامة محمود ابن محمد خطيب الدهشة الشافعى الحموى من علماء القرن التاسع سماها «وسيلة
الإصابة إلى طريقة الكتابة» ؛ حتى تكون المنظومة جامعة للنحو والصرف والخط