وأيضا بدليل قولهم فى الجمع ملائكة ألزموا الواحد التخفيف لكثرة استعماله ، كما ألزموا يرى وأرى ، فقال الكسائى : هو مفعل من الألوكة ، وهى الرسالة ، فالملك رسول من قبله تعالى إلى العباد ، وكذا ينبغى أن يقول فى قولهم «ألكنى إليه» أى كن رسولى إليه : إن أصله أألكنى ثم الئكنى ثم خفف بالنقل والحذف لزوما ، وقال أبو عبيدة : ملأك مفعل من لأكه أى أرسله ، فكأنه مفعل بمعنى المصدر جعل بمعنى المفعول ؛ لأن المصادر كثيرا ما تجعل بمعنى المفعول ؛ قال
١٢٢ ـ * دار لسعدى إذه من هواكا (١) *
أى : مهويّك ، و «ألكنى» عنده ليس بمقلوب ، وملأك عند الكسائى بمعنى الصفة المشبهة ، ومذهب أبى عبيدة أولى ؛ لسلامته من ارتكاب القلب ، وقال ابن كيسان : هو فعأل من الملك ؛ لأنه مالك للأمور التى جعلها الله إليه ، وهو اشتقاق بعيد ، وفعأل قليل لا يرتكب مثله إلا لظهور الاشتقاق ، كما فى شمأل
قوله : «موسى» موسى التى هى موسى الحديد عند البصريين من «أوسيت» أى حلقت ، وهذا اشتقاق ظاهر ، وهو مؤنث سماعى كالقدر والنار والدار ، قال :
__________________
فلست بولد إنسان إنما أنت ملأك ، أفعاله عظيمة لا يقدر عليها أحد. والاستشهاد بالبيت فى قوله «لملأك» حيث يدل على أن أصل الملك ملأك نقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ثم حذفت الهمزة ، وذلك كما يقولون فى مسألة مسلة ، ولكنهم التزموا هذا التخفيف فى ملك كما التزموه فى ذرية ونبى على المشهور من كلام النحاة ، وسيأتى فى باب تخفيف الهمزة
(١) هذا بيت من مشطو الرجز ، وقبله :
* هل تعرف الدّار على تبراكا*
وتبراك : موضع ببلاد بنى فقعس ، والاستشهاد بالبيت هنا فى قوله «هواكا» حيث استعمل المصدر بمعنى اسم المفعول كما استعمل الخلق بمعنى المخلوق فى قوله تعالى : (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ)