الإعراب ، وهذا منه عجيب ، كيف يكون الاسم معربا بلا مقتض للإعراب؟
__________________
صحيح ، لأن معنى قول جار الله «إنها معربة» هو أنها ليست مبنية بل هى مهيأة للاعراب ومعدة له وتقبله لعدم وجود مقتضى البناء ، ومعنى قوله «لكنها لم تعرب لعريها عن سبب الأعراب» هو أنها فى حال عدم تركيبها لم تعرب بالفعل ، وذلك لا غبار عليه ؛ لأن كل الاسماء قبل تركيبها لا يجرى عليها الاعراب بالفعل وإن كانت بعرضة أن يجرى عليها ، واستمع لأبى حيان حيث يقول : «الأسماء المتمكنة قبل التركيب كحروف الهجاء المسرودة : ا ب ت ث ، وأسماء العدد ، نحو واحد اثنان ثلاثة أربعة ، فيها للنحاة ثلاثة أقوال : فاختار ابن مالك رحمهالله أنها مبنية على السكون لشبهها بالحروف فى كونها غير عاملة ولا معمولة ، وهذا عنده يسمى بالشبه الاهمالى. وذهب غيره إلى أنها ليست معربة لعدم تركبها مع العامل ، ولا مبنية لسكون آخرها فى حالة الوصل وما قبله ساكن ، وليس فى المبنيات ما هو كذلك. وذهب بعضهم إلى أنها معربة ، يعنى حكما لا لفظا ، والمراد به قابلية الاعراب وأنه بالقوة كذلك ، ولولاه لم يعل فتى لتحركه وانفتاح ما قبله. وهذا الخلاف مبنى على اختلافهم فى تفسير المعرب والمبني ؛ فان فسر المعرب بالمركب الذى لم يشبه مبني الأصل شبها تاما والمبنى بخلافه ؛ فهي مبنية ، وإن فسر بما شابهه وخلافه ولم نقل بالشبه الاهمالى فهى معربة ، تنزيلا لما هو بالقوة منزلة ما هو بالفعل ، وإن قلنا : المعرب ما سلم من الشبه وتركب مع العامل والمبنى ما شابهه ، فهي واسطة ، وللناس فيما يعشقون مذاهب ، فالخلاف لفظي ، والأمر فيه سهل ، وكلام الكشاف مبنى على الثانى (من تفسيرات المعرب والمبنى) وكلام البيضاوى محتمل له ولما بعده وإن كان الأول أظهر ، ثم إنه قيل : إن المحققين حصروا سبب بناء الأسماء فى مناسبة ما لا تمكن له أصلا (يريد شبه الحرف) ، وسموا الاسماء الخالية عنها معربة ، وجعلوا سكون أعجازها قبل التركيب وقفا لا بناء ، واستدلوا على ذلك بأن العرب جوزت فى الأسماء قبل التركيب التقاء الساكنين كما فى الوقف فقالوا زيد ، عمرو ، ص ، ق ، ولو كان سكونها بناء لما جمعوا بينهما كما فى سائر الأسماء المبنية نحو كيف وأخواتها. لا يقال : ربما عددت الاسماء ساكنة الاعجاز متصلا بعضها ببعض فلا يكون سكونها وقفا بل بناء ؛ لأنا نقول :