خلّيت نفسك وسجيتها وجدت منها أنها لا تلتجىء فى النطق بالساكن الثانى المستحيل مجيئه بعد الساكن الأول من بين الحركات إلا إلى الكسرة ، وإن حصل لها هذا المقصود بالضمة والفتحة أيضا ، وكذلك إذا فرضت أول كلمة تريد النطق بها ساكنا ، وذلك مما لا يجىء فى العربية فى ابتداء الكلام إلا مع همزة الوصل ، ويوجد فى الفارسية كقولهم شتاب وسطام ؛ وجدت من نفسك أنك تتوصل إلى النطق بذلك الساكن بهمزة مكسورة فى غاية الخفاء ، حتى كأنها من جملة حديث النفس ، فلا يدركها السامع ، ثم تجهر بالحرف الساكن فى أول الكلمة ، فيتحقق لك أن إزالة كلفة النطق بالساكن بالكسرة ، سواء كان ذلك الساكن فى أول الكلمة أو فى آخرها أو فى وسطها ؛ من طبيعة النفس وسجيتها إذا خليتها وشأنها
فظهر لك أنهم لأىّ سبب كسروا همزة الوصل ، ولم اجتلبوها دون غيرها ، ولم كسروا أول الساكنين فى نحو اضرب اضرب ، و (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ)
وأما إذا كان أولهما حرف لين فانه يمكن التقاؤهما لكن مع ثقل ما ، وإنما أمكن ذلك مع حروف العلة لأن هذه الحروف هى الروابط بين حروف الكلمة بعضها ببعض ، وذلك أنك تأخذ أبعاضها ، أعنى الحركات ، فتنظم بها بين الحروف ، ولولاها لم تتّسق ، فإذا كانت أبعاضها هى الروابط وكانت إحداها وهى ساكنة قبل ساكن آخر مددتها ومكنت صوتك منها حتى تصير ذات أجزاء ؛ فتتوصل بجزئها الأخير إلى ربطها بالساكن الذى بعدها ، ولذلك وجب المد التام فى أول مثل هذين الساكنين ، ويقلّ المد فى حروف اللين إذا كانت حركة ما قبلها من غير جنسها ، نحو قول وبيع ، بخلاف ما إذا كان ما قبلها من الحركات من جنسها ، نحو قول وبيع ، وذلك لأن فى نحو قول المضموم قافه تتهيأ بعد النطق بالقاف للواو ، وذلك لأن الضمة بعض