له الصالحون! فقال له عبد الله : يا بن الحليف العسيف ، ومتى كان مثلك يجترئ على الدخول في أمر قريش!. (١)
فقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح : أيها الملأ ، إن أردتم ألا تختلف قريش فيما بينها ، فبايعوا عثمان ،
فقال عمار بن ياسر : إن أردتم ألا يختلف المسلمون فيما بينهم فبايعوا عليا ،
ثم أقبل على عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فقال : يا فاسق يا بن الفاسق ، أأنت ممن يستنصحه المسلمون أو يستشيرونه في أمورهم! وارتفعت الأصوات ... (٢)
قال الشعبي : فأقبل عبد الرحمن على علي بن أبي طالب ، فقال :
عليك عهد الله وميثاقه ، وأشد ما أخذ الله على النبيين من عهد وميثاق : إن بايعتك لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله ، وسيرة أبي بكر وعمر! (٣)
فقال علي عليهالسلام : طاقتي ومبلغ علمي وجهد رأيي ، (وفي رواية اليعقوبي : ان كتاب الله وسنة نبيه لا يحتاج معهما إلى إجِّيرَى احد). (٤)
فأقبل على عثمان ، فقال له مثل ذلك ، فقال : نعم لا أزول عنه ولا أدع شيئا منه. ثم اقبل على علي فقال له ذلك ثلاث مرات ولعثمان ثلاث مرات في كل ذلك
__________________
(١) وفي رواية اليعقوبي ج ٢ ص ١٦٣ : قال روى بعضهم قال : دخلت مسجد رسول الله ، فرأيت رجلا جاثيا على ركبتيه يتلهف تلهف من كأن الدنيا كانت له فسلبها ، وهو يقول : واعجبا لقريش ، ودفعهم هذا الأمر على أهل بيت نبيهم ، وفيهم أول المؤمنين ، وابن عم رسول الله أعلم الناس وأفقههم في دين الله ، وأعظمهم غناء في الإسلام ، وأبصرهم بالطريق ، وأهداهم للصراط المستقيم ، والله لقد زووها عن الهادي المهتدي الطاهر النقي ، وما أرادوا إصلاحا للأمة ولا صوابا في المذهب ، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة ، فبعدا وسحقا للقوم الظالمين. فدنوت منه فقلت : من أنت يرحمك الله ، ومن هذا الرجل؟ فقال : أنا المقداد بن عمرو ، وهذا الرجل علي بن أبي طالب. قال فقلت : ألا تقوم بهذا الأمر فأعينك عليه؟ فقال : يا ابن أخي! إن هذا الأمر لا يجري فيه الرجل ولا الرجلان. ثم خرجت ، فلقيت أبا ذر ، فذكرت له ذلك ، فقال : صدق أخي المقداد.
(٢) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، دار إحياء الكتب العربية ١٩٥٩ م ، ج ٩ ص ٣٥ ـ ٣٨ عن عوانة.
(٣) العيني ، عمدة القاري ، دار إحياء التراث العربي بيروت ، ج ٢٤ ص ٤٠٥ ؛ وابن حجر ، فتح الباري ، دار إحياء التراث العربي بيروت ، ج ١٣ ص ٢٣٦.
(٤) اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، مصدر سابق ، ج ٢ ص ١٦٢. الإجِّيرَى بالكسر والتشديد والفتح العادة والطريقة.