الفتح / ١٨. (١)
أقول : من الواضح ان هذه البيعة هي بيعة لتصحيح إيمان الذين خدشوا إيمانهم بشكهم في النبوة الانف الذكر.
قال علي بن إبراهيم : واشترط عليهم أن لا ينكروا بعد ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوآله شيئاً يفعله ولا يخالفوه في شيء أمرهم به. (٢) (٣)
٧. تحقَّق للنبي ما أراد من الصلح حيث أدركت القبائل أن قريشاً هي التي تصُدُّ عن البيت زواره وليس محمداً ، وفي ظل الأجواء الآمنة الجديدة تفهمت القبائل حقيقة الأمر في النبي صلىاللهعليهوآله وحقيقة رسالته وانفتحت على الإسلام أعداد كبيرة من الناس واستطاع النبي ان يحشد عشرة آلاف ممقاتل لما غزا مكة بعد ان نقضت قريش الصلح بعد سنتين ونصف.
٨. كان صلح الحديبية هو (الفتح المبين) كما سماه القرآن وهو (اعظم الفتوح) كما سماه النبي لأنه الأساس في فضح قريش وكسر الاعلام الكاذب ضد النبي ومن ثم اختلاط الناس بعضهم ببعض ليعرفوا حقيقة الرسالة ، وكل المكاسب التي جاءت بعدع هذا الصلح وكان أبرزها فتح مكة فهي من ثمراته اليانعة.
٩. لم يؤثر على اعظم الفتوح ما حصل بعد ذلك من انقلاب على الأعقاب (٤) قامت به قريش المسلمة بعد وفاة النبي وغيرت كثيرا من معالم الرسالة باسم الإسلام كان
__________________
(١) الطبري ، تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٢١.
(٢) القمي ، تفسير القمي ، دار الكتاب رقم ١٤٠٤ هـ ، ج ٢ ص ٣١٥.
(٣) أقول : إنَّ الاتجاه العام لروايات صلح الحديبية يفيد ان البيعة كانت قبل رجوعهم من الحديبية وانها كانت للقتال لما اشيع ان قريشاَ قتلت عثمان رسول النبي صلىاللهعليهوآله اليهم وكان النبي قد بعثه ليخبرهم انه لم يجيء للحرب بل جاء لأداء الحج ، وبخلاف روايات أصحاب السير جاءت رواية علي ابن إبراهيم في تفسيره التي تفيد ان البيعة كانت بعد إبرام الصلح ورجوع النبي صلىاللهعليهوآله من الحديبية والهدف هو تصحيح إيمان من كان مع النبي صلىاللهعليهوآله على أن لا يناقشوه في شيء يُبيِّنه من أمر الدين ولكنهم لم يفوا بتلك البيعة حيث ناقشوه في أمر حجّة التّمتع كما سيأتي وقد ذكر الطبري في تاريخه ان السورة إنما نزل بعد الرجوع من الحديبية وفي هذا تأييد لرواية علي بن إبراهيم.
(٤) وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الانقلاب في قوله تعالى (وما محمّد إلّا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً وسيجزي الله الشّاكرين) آل عمران / ١٤٤.