علي : لسنا عن هذا سألناك من رعيتك وإجارتك ، إنّا نسألك بحق حرمنا هذا إلّا أخبرتنا باسمك الذي سماك به أبوك؟ قال : أنا أويس القرني ، فقال له : يا أويس إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر أن بكفك اليسرى وضحا أبيض ، فأوضح لنا فيه فأراهما يده ، فأقبل علي وعمر يقبّلانه ، فقال علي : يا أويس ، إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر أنّك سيد التابعين ، وأنك تشفع فيشفعك الله في عدد ربيعة ومضر ، فقال لهما أويس : فعسى أن يكون ذلك غيري قال له علي : قد أيقنّا أنك أنت هو حقا يقينا ، قال : فرفع أويس يده [إلى](١) السماء ثم قال : إن هذين ابنا عمي يحبّاني فيك فاغفر لهما وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ، ثم إن عمر قال له : أين الميعاد بيني وبينك إني أراك رثّ الحال حتى آتيك بكسوة ونفقة من رزقي ، فقال له أويس : هيهات هيهات إن بيني وبينك عقبة كئودا لا يجاوزها إلّا كل ضامر عطشان مهزول ، ما ترى يا عمر ، إنّ عليّ طمرين من صوف ونعلين مخصوفتين ، ولي نفقة ، ولي على القوم حساب. قال متى آكل هذا؟ وإلى متى يبلى هذا؟ فأخرج عمر الدرّة من كمه ثم نادى : يا معشر الناس من يأخذ الخلافة بما فيها؟ فقال له أويس : من جدع الله أنفه يا أمير المؤمنين ، فقال له عمر : والله ما بكيت مصرا ولا كلمت به ذميا ، ولا أكلت بها حمى أرض. قال أويس : جزاك الله خيرا عن هذه الأمة ، وأنت يا علي فجزاك الله خيرا عن هذه الأمة ، تعيشان حميدين وتموتان فقيدين ، فقالا له : أوصنا بحياتك يرحمك الله ، فقال لهما أويس : أوصيكما بتقوى الله والعمل بطاعته والصبر على ما أصابكما ، فإن ذلك من عزم الأمور ، وأوصيكما أن تلقيا هرم بن حيّان فتقرئاه مني السّلام ، وخبّراه أني أرجو أن يكون رفيقي في الجنة. قال : فودّعاه ولم يزل (٢) عمر وعليّ رضياللهعنهما (٣) يطلبان هرم بن حيّان فبينما هما ماران (٤) في مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم إذا هما بهرم بن حيّان قائم يصلّي فانتظراه ، فلما انصرف سلّما عليه ، فردّ عليهماالسلام ، ثم قال لهما : من أين جئتما؟ قالا : جئنا من عند أويس القرني وهو يقرئك السلام ، وهو يقول لك إني أرجو أن تكون رفيقي في الجنة.
قال : فلم يزل هرم بن حيّان في طلب أويس فبينما هو بالكوفة مارّ على شاطئ
__________________
(١) زيادة لازمة عن م.
(٢) بالأصل : ولم يزال وفي م : ولم يزالا.
(٣) بالأصل وم : عنه.
(٤) بالأصل وم : مارين.