عمي ، قال : فأحضرنيه إن كنت تريد منا مثوبة ، قال : وكان أويس رجلا دميما قصيرا أدم أثعل كثّ اللحية كريه المنظر ، وكان ابن عمه هذا مولعا به يؤذيه ويهزأ به ، وكان أويس يقرئ الناس القرآن في مسجد الجماعة في الكوفة. تعرّى في حال [من حالاته] ، فلزم بيته فاشترى له بعض خلطائه قميصا سنبلانيا بثلاثة دراهم ، أو أربعة دراهم وأخرجوه إلى المسجد ومجلسه ، فولع به ابن عمه هذا يهزأ ويضحك ويقول له : إن تثبت على تعليمك الناس (١) القرآن؟ فلما رأى ذلك منه وتأذّى به ، ردّ عليهم القميص ولزم بيته ، وأمرهم أن يأتوه في بيته ، فيقرئهم حتى يرزقه الله ما يكتسي به فقدم ابن عمه من مكة ليس له همّ إلّا أن يرضي أويسا واستذلال ما في صدره والانتصاح مما كان يأتي إليه ، فأتاه فضرب عليه الباب ، فقال : من أنت؟ قال : أنا ابن عمك فلان ، اخرج إلي يا أويس ، وكان قدمها ليلا فبدأ به قبل منزله ، فظن أويس أنه إنما جاءه ليؤذيه كما كان يفعل فيما خلا ، فقال : أي ابن عم ارجع إلى بيتك فإنه الليل وأنت حاجّ ولا يحل لك أذاي ، ويأبى أن يفتح الباب ، فجعل ابن عمه يتضرع إليه ويسأله بالله وبالرحم ، فخرج إليه أويس فتعلق ابن عمه بغرمة يقبّلها ، وهو يقول : يا أويس استغفر الله لي ، وأويس يستغفر له [فقال] ويه ابن عمّ ، أنا ابن عمك ، وما استفدت بعدك سلطانا ولا مالا فاستغفر له عن أمره ، وأمر عمر ، وما سأل من قدومه عليه ، فطلب له أويس أن يعفيه من ذلك ، وأن لا يشهره فأبى عليه ابن عمه حتى سلس له بالمسير إلى عمر ، فجهّزه ابن عمه وحمله على راحلته حتى قدم به المدينة. وقد أقام له عمر المناظر ليأتوه بالخبر شوقا إليه ، وشفقة من يقربه دعوته ورؤيته ، فلما خبر أنه قد أظله ركب عمر بالناس يتلقّاه ، فلما أبصره عرفه عمر بالوصف الذي وصف له نبي الله صلىاللهعليهوسلم فنزل عن حماره وأمر الناس بالكفّ ونزل أويس عن راحلته ومشى كل منهما إلى صاحبه ، فلما التقيا قال له : [عمر : اكشف] عن سرّتك ، فكشف عن سرته ، فلما أبصر عمر اللمعة بحيال سرته ألصق فاه بها تقبيلا ، وهو يقول : يا أويس استغفر الله لي ، وأويس يبكي ويستغفر له ، فقال له عمر : [هل] تقدم المدينة؟ فقال : يا أمير المؤمنين جعلتني شهرة للناس. وإني أسألك أن تأذن لي فألحق بأي أرض شئت ، فكره عمر أن يأتي أمرا فيما بينه وبينه لا يوافقه ، فأذن له فرجع من مكانه ، ذلك فأخذ نحو سواحل البحر مرابطا فما رؤي له بعد ذلك عين.
قال : وأنا أبو حذيفة قال : قال يعقوب ، عن عبد الله بن سليمان ، عن الضحاك
__________________
(١) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه.