لمثلك يا أمير المؤمنين؟ قال : فاستغفر لي. قال : قلت : أنت أخي لا تفارقني ، قال : فانملس (١) مني ، فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة. قال : فجعل ذلك الذي يسخر به يحقّره قال : يقول : ما هذا منا ولا نعرفه. قال عمر : بلى إنه رجل كذا قال ـ كأنه يضع شأنه ـ فينا يا أمير المؤمنين رجل يقال له أويس قال : أدرك ولا أراك تدرك. قال : فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله. فقال له أويس : ما هذه بعادتك فما بدا لك؟ قال : سمعت عمر يقول فيك كذا وكذا فاستغفر لي يا أويس ، قال : لا أفعل حتى تجعل عليك أن لا تسخر بي فيما بعد وأن لا تذكر ما سمعته من عمر إلى أحد. فاستغفر له ، قال أسير : فما لبثنا أن فشا أمره بالكوفة ، قال : فدخلت عليه فقلت له : يا أخي ألا أراك العجب ونحن لا نشعر؟ فقال : ما كان في هذا ما أتبلّغ به في الناس ، وما يجزى كلّ عبد إلّا بعمله ، قال : فانملس مني فذهب [٢٤٤٧].
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب ، عن هاشم بن القاسم مختصرا (٢).
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : أسانيد أحاديث أويس صحاح رواها الثقات وهذا الحديث منها وهذا يسميه أهل البصرة يسير بن جابر ، ويسميه أهل الكوفة يسير بن عمرو وله صحبة (٣).
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، أنا محمد بن عمر ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان ، حدّثنا سعد بن الصلت ، حدّثنا المبارك بن فضالة ، عن مروان الأصفر ، عن صعصعة بن معاوية قال : كان عمر بن الخطاب يسأل وفد أهل الكوفة إذا قدموا عليه يعرفون أويس بن عامر القرني فيقولون : لا ، وكان أويس رجلا يلزم المسجد بالكوفة فلا يكاد يفارقه وله ابن عمّ يغشى السلطان ويؤذي أويسا فإذا رآه منع الفقراء ، قال : يخدعهم وإن رأوه مع الأغنياء قال : يستأكلهم حتى إن كان أويس يراه فيعرض عنه مما يؤذيه ، قال : فوفد ابن عمه ذلك عمر فيمن وفد من أهل الكوفة ،
__________________
(١) ابن سعد : «فامّلس» يعني فأفلت.
(٢) صحيح مسلم ٤٤ كتاب فضائل الصحابة (٥٥) باب من فضائل أويس القرني الحديث ص ١٩٦٨ برقم ٢٥٤٢.
(٣) سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٢.