ليصلح أمر الشام فنزل في مضربه وأمر بإطعام الناس فقام أشجع فأنشده :
فئتان طاغية وباغية |
|
جلّت أمورهما عن الخطب |
قد جاءكم بالخيل شازبة (١) |
|
ينقلن نحوكم رحى الحرب |
لم يبق إلّا أن تدور بكم |
|
قد قام هاديها على القطب |
قال : فأمر له بصلة ليست بالسّنية ، وقال له : دائم القليل خير من قطع الكثير ، فقال له : ونزر الوزير أكثر من جزيل غيره ، فأمر له بمثلها ، قال : وكان جعفر يجري عليه في كل جمعة مائة دينار مدة مقامه ببابه.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس (٢) ، نا وأبو منصور بن خيرون : أنا أبو بكر الخطيب (٣) : أخبرني القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله الطّبري ، أنا المعافى بن زكريا ، أنا أحمد بن إبراهيم الطّبري ، حدّثني علي بن محمد بن أبي عمر (٤) البكري ـ من بكر بن وائل ـ حدّثني علي بن عثمان ، حدّثني أشجع السّلمي ، قال : أذن لنا المهدي والشعراء في الدخول عليه ، فدخلنا ، فأمرنا بالجلوس (٥) ، فاتفق أن جلس جنبي بشّار وسكت المهدي وسكت الناس فسمع بشّار حسّا ، فقال : يا أشجع من هذا؟ فقلت : أبو العتاهية. قال : فقال لي : أتراه ينشد في هذا المحفل؟ فقلت : أحسب سيفعل. قال فأمره المهدي أن ينشد فأنشد :
ألا لسيد مالكها (٦)
قال : فنخسني بمرفقه فقال : ويحك رأيت أجسر من هذا ، ينشد مثل هذا الشعر في هذا الموضع؟ [حتى بلغ إلى هذا الموضع](٧) :
أتته الخلافة منقادة |
|
إليه تجرّر (٨) أذيالها |
__________________
(١) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن الأغاني ، والمعنى : ضامرة ويابسة.
(٢) بالأصل «قيس» والمثبت عن م.
(٣) تاريخ بغداد ٦ / ٢٥٧ في ترجمة أبي العتاهية.
(٤) في تاريخ بغداد : عمرو.
(٥) بالأصل «الجلوس» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٦) كذا بالأصل : وتمام البيت في ديوانه : ٣٧٥ :
ألا ما لسيدتي ما لها؟ |
|
أدلّت فأجمل إدلالها |
(٧) ما بين معكوفتين زيادة عن تاريخ بغداد ، والأبيات في ديوان أبي العتاهية ص ٣٧٥ ـ ٣٧٦.
(٨) عن الديوان وبالأصل «تجر».