محمّد بن فضيل ، نا سعيد بن عامر ، عن معتمر بن سليمان ، قال : قالت السّماوات : يا رب خليلك يلقى في النار فيك ، قال : قد أرى ، وإن استعانك (١) فأعينيه فقال : حسبي الله ونعم الوكيل قال : فمرّ به جبريل فقال : يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال : أمّا إليك فلا.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أنبأني أبو العباس بن يعقوب ـ وقرأته بخطّه فيما أجاز له محمّد بن عبد الوهّاب ـ حدّثني علي بن غنّام ، قال : قال لي بشر بن الحارث لما رفع إبراهيم صلىاللهعليهوسلم ليلقى في النار عرض له جبريل عليهالسلام فقال : يا إبراهيم هل لك من حاجة؟ قال : أمّا إليك فلا.
أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أنا إبراهيم بن منصور السلمي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا المفضّل بن محمّد بن إبراهيم الجندي ، نا إسحاق بن إبراهيم ، نا إبراهيم بن الحكم ، حدّثني أبي ، عن عكرمة ، قال : إن الله عزوجل حيث قال : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) إن نار الدنيا كلها [خمدت](٢) لم ينتفع بها أحد من أهلها. فلما أخرج الله إبراهيم من النار زاد الله في حسنه وجماله سبعين ضعفا.
قال عكرمة : إن إبراهيم خليل الرّحمن لمّا ألقي في النار قالت أمّه : لقد كان ابني يقول : إنّ له ربا يمنعه ، وأراه ملقى في النار فما ينفعه ، وإني مطلعة على هذه النار أنظر إلى ابني ما فعل. قال عكرمة : فعملت لها سلما ثم اطلعت على السلم حتى إذا هي أشرفت أبصرت إبراهيم في وسط النار ، فنادته أمّه : يا إبراهيم. فلمّا رآها قال لها : يا أمّه ألا ترين ما صنع الله بي؟ قالت : يا بني (٣) ، لو لا أني أخاف النار لمشيت إليك ، فقال : يا أمّه انزلي وتعالي فقالت : يا بني ادع إلهك أن يجعل لي طريقا ، فدعا ربّه فجعل لها طريقا ثم نزلت فقالت : إني أخاف ، فقال : لا تخافي هل تجدين من حرّ النار شيئا؟ قالت : لا ، فسارت إليه حتى إذا دنت منه ضمت إبراهيم عليهالسلام إلى صدرها ، وجعلت تقبله (٤). فقال لها : يا أمّه ، فارجعي ممّا أنت عليه ، فالتفتت لترجع فإذا بالنار على [ممرها](٥) ،
__________________
(١) في المختصر : وإن استغاثك فأغيثيه.
(٢) زيادة عن المختصر.
(٣) في البداية والنهاية ١ / ١٦٩ نقلا عن ابن عساكر : يا بني إني أريد أن أجيء إليك فادع الله أن ينجيني من حرّ النار حولك.
(٤) في البداية والنهاية نقلا عن ابن عساكر : فلما وصلت إليه اعتنقته وقبلته ثم عادت.
(٥) مطموسة بالأصل ، والمثبت عن مختصر ابن منظور ٣ / ٣٥٤.