كريم كلّ قوم ويولّيه عليهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم [من](١) غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه. ويتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس ، ويحسّن الحسن ويقويه ، ويقبّح القبيح ويوهنه (٢) ، معتدل الأمر غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملّوا. لكل حال عنده (٣) عتاد ، لا يقصر عن الحقّ ولا يجاوز إلى غيره ، الذين يلونه من الناس خيارهم ، وأفضلهم [عنده](٤) أعمهم لنصحه (٥) وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.
فسألته عن مجلسه عما كان يصنع فيه؟ قال :
كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يجلس (٤) ولا يقوم إلّا على ذكر ، ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها ، وإذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهي المجلس ، ويأمر بذلك. ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه. من جالسه أو قاومه لحاجة صاوبه (٦) حتى يكون هو المنصرف عنه. من سأله حاجة لم يردّه إلّا بها ، أو بميسور من القول. قد وسع الناس بسطه (٧) وخلقه ، فصار لهم أبا ، وصاروا له عنده في الحق متقاربين يتفاصلون فيه بالتقوى ، متواضعين يوقرون الكبير ، ويرحمون الصغير ، ويرفدون ذا (٨) الحاجة ، ويرحمون الغريب.
فسألته عن سيرته في جلسائه؟ فقال :
كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظّ ولا غليظ ولا سخّاب ، ولا فحّاش ، ولا عيّاب ، ولا مداح (٩). ولا يتغافل عما لا يشتهي ، ولا
__________________
(١) سقطت من الأصل وخع واستدركت عن الدلائل.
(٢) كذا بالأصل وخع ، وفي الدلائل : «ويوهيه» وبهامشها عن نسخة : ويوهنه.
(٣) زيادة عن الدلائل ، وفي خع : عندهم.
(٤) كذا بالأصل وخع ، وفي الدلائل : نصيحة.
(٥) بالأصل وخع «لا يلبس» تحريف ، والمثبت عن الدلائل.
(٦) الأصل وخع ، وفي الدلائل : صابره.
(٧) عن خع والدلائل ، وبالأصل «سبطه».
(٨) بالأصل وخع : «ذو» والمثبت عن الدلائل.
(٩) الأصل وخع ، وفي الدلائل : بمزاح.