فشكونا إليه العري والفقر وقلة الشيء فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أبشروا ، فو الله لأنا من كثرة الشيء أخوفني عليكم من قلته ، والله لا يزال هذا الأمر فيكم حتى يفتح الله تعالى (١) أرض الشام وفارس وأرض الروم وأرض حمير ، حتى تكونوا ثلاثة أجناد : جندا بالشام ، وجندا باليمن ، وجندا بالعراق ، حتى يعطى الرجل المائة فيتسخّطها» (٢) قال ابن حوالة : قلت :
يا رسول الله ومن يستطع الشام وبه الروم ذات القرون؟ قال : «والله ليفتحنها الله تعالى عليكم ، وليستخلفكم فيها حتى تظل العصابة البيض منهم قمصهم المحلقة أقفاهم قياما على الرّويجل الأسود منكم المحلوق وما أمرهم من شيء فعلوه ، وإنّ بها اليوم رجالا (٣) أنتم أحقر في أعينهم من القردان في أعجاز الإبل» قال ابن حوالة : فقلت : يا رسول الله اختر لي إن أدركني ذلك الزمان قال : «إني أختار لك الشام فإنه صفوة الله تعالى من بلاده وإليه يجتبي صفوته من عباده. يا أهل اليمن عليكم بالشام فإن صفوة الله من أرضه الشام.
ألا فمن (٤) أبى فليستق من غدره اليمن ، فإن الله تعالى قد تكفّل لي بالشام وأهله» [٤٧].
قال أبو علقمة : فسمعت عبد الله بن جبير يقول : فعرف أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم نعت الحديث في جزء بن سهيل (٥) السّلمي وكان على الأعاجم في ذلك الزمان فكان إذا راحوا إلى مسجد نظروا إليه وإليهم قياما حوله فعجبوا لنعت رسول الله فيهم.
قال أبو علقمة : أقسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في هذا الحديث ثلاث مرات ، لا نعلم أنه أقسم في حديث مثله.
وأمّا حديث أبي قتيلة : فأخبرناه أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد ابن حصين أنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، نا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا حيوية بن شريح ويزيد بن عبد ربه قال : أنبأنا بقية ، حدثني بحير بن سعد (٦) ، عن خالد بن معدان ، عن أبي قتيلة (٧) [عن] ابن حوالة أنه قال : قال
__________________
(١) زيادة عن هامش الأصل.
(٢) بالأصل «فيسخطها» والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٣) عن خع والمطبوعة ١ / ٦٧ وبالأصل : «كلالا».
(٤) بالأصل : «فمن أتى فلينشق ...».
(٥) عن مختصر ابن منظور وبالأصل «حر بن سهل».
(٦) في تقريب التهذيب : «سعيد» وبحير بكسر الحاء.
(٧) بالأصل «أبي قبيلة» خطأ ، وهو أبو قتيلة مرثد بن عبد الله ، والزيادة عن خع.