ماذا أراد أن يكتب لأبي بكر؟ فهو غير ظاهر من الحديث ، فلعله كان يريد أن يهبه متاعاً أو أرضاً أو أمراً آخر ، أو لعله لما علم صلىاللهعليهوآلهوسلم بدنو أجله أراد أن يكتب كتاباً يجعله به أميراً على سرِيَّة أسامة إذا ألمَّ بأسامة مُلِم أو أصابه مكروه ، ويخشى أن يتمنَّى متمنّ في القوم ذلك.
وأما قوله : « ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر » فمعناه : أنني إذا كتبتُ له كتاباً بالمتاع أو الأرض أو الإمرة على سرية أسامة من بعده ، فإن الله لا يرضى إلا بما كتبته ، وكذا المؤمنون. والله العالم.
ومنها : ما أخرجه البخاري عن عمر بن العاص : أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعثه على جيش ذات السلاسل ، فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك؟ فقال : عائشة. فقلت : من الرجال؟ فقال : أبوها. قلت : ثم مَن؟ قال : عمر بن الخطاب. فَعَدَّ رجالاً (١).
استدل به على خلافة أبي بكر : شارح العقيدة الطحاوية (٢) ، وأبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (٣) وغيرهما.
وهذا الحديث معارَض بحديث آخر رواه الترمذي وحسَّنه ، والحاكم في المستدرك وصحَّحه عن عمير التيمي ، قال : دخلتُ مع عمّتي على عائشة ، فسُئِلتْ : أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قالت : فاطمة. فقيل : مِن الرجال؟ قالت : زوجها ، إن كان ما علمتُ صوَّاماً قواماً (٤).
__________________
(١) صحيح البخاري ٣ / ١١٢٧ ، ١١٢٩ فضائل أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ب ٥ ، ح ٣٦٦٢ ، ٣٦٧١. صحيح مسلم ٤ / ١٨٥٦ فضائل الصحابة ، ب ١ ح ٢٣٨٤ ، ٢٣٨٥.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية ، ص ٤٧٢.
(٣) كتاب الإمامة ، ص ٢٥٢.
(٤) سنن الترمذي ٥ / ٧٠١ ح ٣٨٧٤ قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب. المستدرك ٣ / ١٥٧ قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي بشيء. خصائص أمير المؤمنين للنسائي ، ص ١٢٧ ح ١١١. وقال الالباني في تعليقه