القوم ، فراجعها.
لقد أثبت علماء الشيعة الإمامية مذهب أهل البيت عليهمالسلام وردّوا على خصومهم ، وفندوا آراء المذاهب الأخرى ، وهم في ذلك قد ألزموا أنفسهم بألا يحتجّوا إلا بما ورد في كتب القوم مما يعترفون بصحّته ويسلّمون به ، فأثبتوا صحة المذهب من طريقهم ، وطريق خصومهم.
فاحتجوا على أهل السنة بما روي في الصحيحين وباقي الكتب المعتبرة عندهم ، وبأقوال أعلامهم وأساطين علمائهم.
وأما الخصوم عامة ، وأهل السنة خاصة ، فإنهم لم يتسنَّ لهم ذلك ، فغاية ما سلكوا في إثبات مذاهبهم أنهم يحتجّون على غيرهم بأحاديث رُويت من طريقهم هم ، لا يسلِّم بها الخصم ، فاحتج أهل السنة على الشيعة بما في صحيح البخاري ومسلم وباقي كتب الحديث عندهم ، وبأقوال أحمدبن حنبل والشافعي ومالك وأبي الحسن الأشعري وابن تيمية وغيرهم.
ومن الواضح أن الدليل الذي يصح الاحتجاج به لا بد أن يسلم به الخصم ويقر به ، وأدلتهم كلها ليست كذلك.
ثم إن بعض علماء أهل السنة لمَّا أعياهم الدليل الصحيح في نقد مذهب الإمامية عمدوا مع بالغ الأسى إلى تضعيف الأحاديث الصحيحة المروية عندهم ، كحديث الثقلين ، وحديث الغدير ، وحديث أنا مدينة العلم ، وحديث الطير مع كثرة طرقه ، وغيرها من الأحاديث التي تلزمهم (١).
__________________
(١) من ذلك إنكار ابن حزم حديث الغدير قال في الفصل في الملل والأهواء والنحل ٤ / ١٤٧ : واما ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فلا يصح من طريق الثقات أصلاً.
ومنه تضعيف ابن تيمية في منهاج السنة ٤ / ١٠٤ لحديث ( ما تريدون من علي؟ علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي ) ، وقد مر بيان ذلك في صفحة ٧٨ من هذا الكتاب.