وإمامهم أحمد بن حنبل ( ١٦٤ ـ ٢٤١ هـ ) ، والأشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري ( ٢٦٠ ـ ٣٣٠ هـ ) ، والماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي ( ت ٣٣٠ هـ ). وكلها نشأت بعد القرن الثاني من الهجرة.
وأما في الفروع فهم مذاهب كثيرة ، وأشهرها المذاهب الأربعة المعروفة. وكلها نشأت بعد انتهاء القرن الأول من الهجرة.
فإذا كانت هذه المذاهب قد نشأت في عصور متأخرة ، فلا بد أن يكون الحق في غيرها قبل نشوئها ، لأنه لا بد أن تكون طائفة من طوائف هذه الأمة على الحق من زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى قيام الساعة ، وإلا لزم أن تكون الأمة كلها على ضلال إلى زمان نشوء هذه المذاهب ، وهو باطل بالاتفاق.
فإذا كان الحق في غيرها فهو منحصر في مذهب الإمامية ، لأنه هو المذهب الفريد بين كل المذاهب الإسلامية الذي امتد من حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى العصور المتأخرة (١).
لا يقال : إن أئمة المذاهب أخذوا عمن سبقهم إلى أن يصل الأمر إلى زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
لأنا نقول : إن أئمة المذاهب اختلفوا فيما بينهم في الأصول والفروع ، وخالفوا من سبقهم ، لأنهم كانوا مجتهدين غير مقلِّدين لغيرهم ، ولذلك اجتهد الإمام أحمد في المسائل المتجدّدة كمسألة خلق القرآن وغيرها من المسائل التي لم تكن مطروحة من قبل.
أنَّا رأينا في الحوادث الكثيرة والوقائع المختلفة التي اشتهرت وذاعت أنه
__________________
(١) وذلك لأن أول الأئمة عند الإمامية هو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، ثم ابنه الإمام الحسن عليهالسلام ، ثم الإمام الحسين عليهالسلام ، ثم ابنه الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام ، ثم ابنه الإمام محمد بن علي الباقر عليهالسلام ، ثم ابنه الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام ، المعاصر له أول ائمة المذاهب الأربعة وهو أبوحنيفة.