عليها والاُخرى تضمّها
الى كبدها ، ولمّا كثر ازدحام الأطفال على القربة انفلت وكاعها فأريق ماءها ، فصحن
الفتيات : أُريق الماء يا برير ... فرجعن الى الخيمة باكيات صارخات.
قال الراوي : ولما أصبح الصباح وهو يوم
عاشوراء جاءت الحوراء زينب إلى أخيها الحسين عليهالسلام
تحمل عبدالله الرضيع فدفعته إلى الحسين وهي باكية وقالت له : أخي خذ طفلك هذا
واطلب له قليلاً من الماء ، فأخذه الحسين عليهالسلام
وقد غارت عيناه من شدّة العطش حتى جاء به نحو الأعداء.
فدعى الأقوام يا لله للخطب الفضيع
|
|
نبئوني أأنا المذنب أم هذا الرضيع
|
لا حظوه فعليه شبه الهادي الشفيع
|
|
لا يكن شافعكم خصماً لكم في النشأتين
|
اختلف العسكر فيما بينهم ، ومنهم من لعن
عمر ابن سعد ، ومنهم قال : إذا كان ذنب للكبار فما ذنب هذا الطفل؟
فلمّا رأى ابن سعد اختلاف العسكر صاح
بحرملة بن كاهل : ويلك يا حرملة اقطع نزاع القوم. قال : ما أصنع؟ قال : إرم الطفل
بسهم.
قال حرملة : فوضعت سهما في كبد القوس
وتأمّلت أين أرمي الطفل ، فرأيت رقبته تلمح على عضد أبيه الحسين عليهالسلام فرميت الطفل بسهمي
وذبحته من الوريد الى الوريد ، فلمّا أحسّ الطفل بحرارة السهم أخرج يده من القماط
واعتنق أباه الحسين وجعل يرفرف كالطير المذبوح.
ثم ملأ الحسين عليهالسلام كفه من دمه ورمى به إلى
السماء وقال : اللّهمّ لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح.
ويروى أنّه قال : «ياربّ إن كنت حبست عنّا
النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير منه وانتقم لنا من هؤلاء الضالمين». فنودي :
دعه يا حسين فإنّ له مرضعاً في الجنة.