لا يمنع أهله ، ولا يحرز من لجأ إليه (١). ألا وبالتّقوى تقطع حمة الخطايا (٢) وباليقين تدرك الغاية القصوى.
عباد اللّه ، اللّه اللّه فى أعزّ الأنفس عليكم ، وأحبّها إليكم ، فإنّ اللّه قد أوضح لكم سبيل الحقّ وأنار طرقه. فشقوة لازمة ، أو سعادة دائمة ، فتزوّدوا فى أيّام الفناء (٣) لأيّام البقاء ، قد دللتم على الزّاد ، وأمرتم بالظّعن (٤) ، وحثثتم على المسير ، فإنّما أنتم كركب وقوف ، لا تدرون متى تؤمرون بالمسير.
ألا فما يصنع بالدّنيا من خلق للآخرة؟ وما يصنع بالمال من عمّا قليل يسلبه ، وتبقى عليه تبعته وحسابه؟! (٥)
عباد اللّه ، إنّه ليس لما وعد اللّه من الخير مترك ، ولا فيما نهى عنه من الشّرّ مرغب! عباد اللّه ، احذروا يوما تفحص فيه الأعمال ، ويكثر فيه الزّلزال ، وتشيب فيه الأطفال.
__________________
(١) «لا يحرز» أى : لا يحفظ ، و «لجأ إليه» اعتصم به
(٢) الحمة ـ بضم ففتح ـ فى الأصل : إبرة الزنبور والعقرب ونحوها تلسع بها ، والمراد هنا سطوة الخطايا على النفس
(٣) يريد أيام الدنيا
(٤) المراد بالظعن المأمور به ههنا : السير إلى السعادة بالأعمال الصالحة ، وهذا ما حثنا اللّه عليه. والمراد بالمسير الذى لا ندرى متى نؤمر به : هو مفارقة الدنيا. والأمر فى الأول خطابى شرعى ، وفى الثانى فعلى تكوينى
(٥) تبعته : ما يتعلق به من حق الغير فيه