١٤٤ ـ ومن كلام له عليه السّلام
[فى ذكر أهل البصرة]
كلّ واحد منهما يرجو الأمر له ، ويعطفه عليه دون صاحبه : لا يمتّان إلى اللّه بحبل ، ولا يمدّان إليه بسبب (١)!! كلّ واحد منهما حامل ضبّ لصاحبه (٢) وعمّا قليل يكشف قناعه به. واللّه لئن أصابوا الّذى يريدون لينزعنّ هذا نفس هذا وليأتينّ هذا على هذا ، قد قامت الفئة الباغية فأين المحتسبون (٣) فقد سنّت لهم السّنن ، وقدّم لهم الخبر ، ولكلّ ضلّة علّة ، ولكلّ ناكث شبهة ، واللّه لا أكون كمستمع اللّدم (٤) يسمع النّاعى ويحضر الباكى ثمّ لا يعتبر.
__________________
(١) ضمير المثنى لطلحة والزبير ، وقوله «لا يمتان» أى : لا يتوسلان ، مثل لا يمدان ، والسبب : الحبل أيضا
(٢) الضب ـ بالفتح ، وبكسر ـ : الحقد
(٣) الذين يجاهدون حسبة للّه
(٤) اللدم : الضرب على الصدر والوجه عند النياحة ، وقال ابن أبى الحديد : «مستمع اللدم : كناية عن الضبع ، فانها تسمع وقع الحجر بباب جحرها من يد الصائد فتنخذل وتكف جوارحها إليها حتى يدخل عليها فيربطها. يقول : لا أكون مقرا بالضيم واهنا أسمع الناعى المخبر عن قتل عسكر الجمل فلا يكون عندى من التغيير والانكار لذلك إلا أن أسمعه وأحضر الباكين على قتلاهم» اه وقد روى أبو مخنف قال : لما تزاحف الناس يوم الجمل والتقوا قال على عليه السّلام لأصحابه : لا يرمين رجل منكم بسهم ولا يطعن أحدكم فيهم برمح حتى أحدث إليكم ، وحتى يبدأوكم بالقتال وبالقتل ، فرمى أصحاب الجمل عسكر على بالنبل رميا شديدا متتابعا ، فضج إليه أصحابه وقالوا : عقرتنا سهامهم يا أمير المؤمنين ، وجىء برجل إليه فقيل له : هذا فلان قد قتل ، فقال : اللهم اشهد ، ثم قال : أعذروا إلى القوم ، وتكرر مجيئهم اليه بالقتلى ، ومقالته