وغالتهم السّبل ، واتّكلوا على الولائج (١) ، ووصلوا غير الرّحم ، وهجروا السّبب الّذى أمروا بمودّته ، ونقلوا البناء عن رصّ أساسه (٢) فبنوه فى غير موضعه : معادن كلّ خطيئة ، وأبواب كلّ ضارب فى غمرة (٣) ، قد ماروا فى الحيرة (٤) ، وذهلوا فى السّكرة على سنّة من آل فرعون من منقطع إلى الدّنيا راكن ، أو مفارق [للدّين] مباين.
١٤٧ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
وأستعينه على مداحر الشّيطان ومزاجره (٥) ، والاعتصام من حبائله ومخاتله. وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، ونجيبه وصفوته ، لا يوازى فضله ، ولا يجبر فقده ، أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة ، والجهالة الغالبة ، والجفوة الجافية ، والنّاس يستحلّون الحريم (٦) ، ويستذلّون الحكيم ، يحيون على
__________________
(١) دخائل المكر والخديعة ، وأصل الولائج جمع وليجة ، وهى البطانة يتخذها الانسان لنفسه ، وقال اللّه تعالى : «وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اَللّٰهِ وَلاٰ رَسُولِهِ وَلاَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً»
(٢) الرص : مصدر قولك «رصصت الشىء» أى : ألصقت بعضه ببعض ، ومنه قوله تعالى : «كَأَنَّهُمْ بُنْيٰانٌ مَرْصُوصٌ» وتقول : تراص القوم فى الصف إذا تلاصقوا
(٣) الغمرة : الشدة
(٤) ماروا : تحركوا واضطربوا ، جعلهم كأنهم يسبحون فى الحيرة كما يسبح الانسان فى الماء
(٥) الدحر ـ بالفتح ـ : الطرد ، والمداحر والمزاجر : ما بها يدحر ويزجر ، وهى الأعمال الفاضلة ، ومخاتل الشيطان : مكائده
(٦) «لا يوازى فضله» : لا يساوى ، و «لا يجبر فقده» لا يسد أحد مسده بعده