١٤٥ ـ ومن كلام له عليه السّلام
قبل موته
أيّها النّاس ، كلّ امرىء لاق ما يفرّ منه فى فراره ، والأجل مساق النّفس (١) والهرب منه موافاته. كم أطردت الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى اللّه إلاّ إخفاءه. هيهات! علم مخزون ، أمّا وصيّتى فاللّه لا تشركوا به شيئا ، ومحمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فلا تضيّعوا سنّته. أقيموا هذين العمودين ، وأوقدوا هذين المصباحين ، وخلاكم ذمّ ما لم تشردوا (٢). حمل كلّ امرىء منكم مجهوده (٣) ، وخفّف عن الجهلة ربّ رحيم ، ودين قويم ، وإمام عليم.
أنا بالأمس صاحبكم ، وأنا اليوم عبرة لكم ، وغدا مفارقكم ، غفر اللّه لى ولكم.
إن ثبتت الوطأة فى هذه المزلّة فذاك ، وإن تدحض القدم (٤) فإنّا كنّا فى
__________________
هذه تتكرر ، ثم لما ضاق بهم ذرعا قام فاستعد للقتال ولبس درع النبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم ورفع إلى محمد ابنه رايته السوداء ، وتعرف بالعقاب ، وحمل وحمل معه الناس ، واستحر القتل من الفريقين ، لا حول ولا قوة إلا باللّه العلى العظيم ، وإنا للّه وإنا إليه راجعون
(١) مساق النفس تسوقها إليه أطوار الحياة حتى توافيه
(٢) برئتم من الذم ما لم تشردوا ـ كتنصروا ـ أى : تنفروا وتميلوا عن الحق
(٣) «حمل كل امرىء ـ الخ» : هذا وما بعده ماض قصد به الأمر
(٤) قوله «إن ثبتت» : يريد بثبات الوطأة معافاته من جراحه ، والمزلة : محل الزلل ، و «دحضت القدم». زلت ، وزلقت ، وبابه منع