فهم كثيرون بالاسلام ، عزيزون بالاجتماع ، فكن قطبا ، واستدر الرّحى بالعرب وأصلهم دونك نار الحرب ، (١) فإنّك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها (٢) حتّى يكون ما تدع وراءك من العورات أهمّ إليك ممّا بين يديك.
إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا : هذا أصل العرب فإذا قطعتموه استرحتم ، فيكون ذلك أشدّ لكلبهم عليك ، وطمعهم فيك. فأمّا ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين فإنّ اللّه سبحانه هو أكره لمسيرهم منك ، وهو أقدر على تغيير ما يكره ، وأمّا ما ذكرت من عددهم فإنّا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ، وإنّما كنّا نقاتل بالنّصر والمعونة.
١٤٣ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
فبعث محمّدا ، صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، بالحقّ ليخرج عباده من عبادة
__________________
ونواحيه ، الواحد حذفار وحذفور ، مثل قرطاس وقراطيس وعصفور وعصافير
(١) «أصلهم نار الحرب» أى : اجعلهم صالين لها ، تقول «صليت اللحم أصليه صليا ، مثل رميته أرميه رميا ، أى : شويته ، وفى الحديث أن النبى صلّى اللّه عليه وسلم أتى بشاة مصلية ، أى : مشوية ، وتقول أيضا «صليت الرجل نارا» بلا همز ، إذا أدخلته فيها وجعلته يصلاها ، والفرق بين المهموز وغيره أن المهموز يدل على أنك ألقيته فيها كأنك تريد الاحراق ، ويكنى بذلك كله عن مقاسات الشدائد ، وقال الطهوى :
ولا تفنى بسالتهم وإن هم |
|
صلوا بالحرب جينا بعد حين |
(٢) شخصت : خرجت