فقال له بعض أصحابه : لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب! فضحك عليه السّلام ، وقال للرجل وكان كلبيا :
يا أخا كلب ، ليس هو بعلم غيب وإنّما هو تعلّم من ذى علم! وإنّما علم الغيب علم السّاعة ، وما عدّد اللّه بقوله : «إِنَّ اَللّٰهَ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلسّٰاعَةِ» الآية فيعلم سبحانه ما فى الأرحام : من ذكر وأنثى ، وقبيح أو جميل ، وسخىّ أو بخيل ، وشقىّ أو سعيد ، ومن يكون فى النّار حطبا أو فى الجنان للنّبيّين مرافقا ، فهذا علم الغيب الّذى لا يعلمه أحد إلاّ اللّه ، وما سوى ذلك فعلم علّمه اللّه نبيّه فعلّمنيه ، ودعا لى بأن يعيه صدرى ، وتضطمّ عليه جوانحى (١).
١٢٥ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
فى ذكر المكاييل
عباد اللّه ، إنّكم وما تأملون من هذه الدّنيا أثوياء مؤجّلون ، (٢) ومدينون
__________________
(١) تضطم : هو افتعال من الضم ، أى : وتنضم عليه جوانحى ، والجوانح : الأضلاع تحت الترائب مما يلى الصدر ، وانضمامها عليه : اشتمالها على قلب يعيها.
(٢) أثوياء : جمع ثوى ـ كغنى ـ وهو الضيف ، و «مؤجلون» مؤخرون إلى أجل معلوم ، و «مدينون» مقرضون ، تقول : دنت الرجل ، أى : أقرضته ، فهو مدين ، وربما قيل مديون على الأصل المهجور فى الفصيح ، وتقول : دنت ، بمعنى استقرضت وصار عليك دين فأنت دائن ، قال الشاعر : ـ ندين ويقضى اللّه عنا ، وقد نرى مصارع قوم لا يدينون ضيعا وقوله «مقتضون» هو جمع مقتضى ـ اسم مفعول من اقتضى ـ أى : مطالبون بأداء الدين