الحرز ، ومنازل العزّ ، فى يوم تشخص فيه الأبصار ، وتظلم الأقطار ، وتعطّل فيه صروم العشار (١) ، وينفخ فى الصّور ، فتزهق كلّ مهجة ، وتبكم كلّ لهجة ، وتذلّ الشّمّ الشّوامخ (٢) ، والصّمّ الرّواسخ ، فيصير صلدها سرابا رقرقا (٣) ومعهدها قاعا سملقا ، فلا شفيع [يشفع] ، ولا حميم يدفع ، ولا معذرة تنفع
١٩١ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
بعثه حين لا علم قائم (٤) ، ولا منار ساطع ، ولا منهج واضح : أوصيكم عباد اللّه ، بتقوى اللّه ، وأحذّركم الدّنيا ، فإنّها دار شخوص (٥) ومحلّة تنغيص ،
__________________
(١) الصروم : جمع صرمة بالكسر ـ وهى قطعة من الابل فوق العشرة إلى تسعة عشر ، أو فوق العشرين إلى الثلاثين ، أو الأربعين أو الخمسين. والعشار : جمع عشراء ـ بضم ففتح ، كنفساء ـ وهى الناقة مضى لحملها عشرة أشهر. وتعطيل جماعات الابل : إهمالها من الرعى ، والمراد أن يوم القيامة تهمل فيه نفائس الأموال لاشتغال كل شخص بنجاة نفسه
(٢) الشم : جمع أشم ، أى : رفيع ، والشامخ : المتسامى فى الارتفاع ، والصم : جمع أصم ، وهو الصلب المصمت ، أى : الذى لا تجويف فيه. والراسخ : الثابت
(٣) الصلد : الصلب الأملس ، والسراب : ما يخيله ضوء الشمس كالماء خصوصا فى الأراضى السبخة وليس بماء ، والرقرق ـ كجعفر ـ المضطرب ، ومعهدها : المحل الذى كان يعهد وجودها فيه ، والقاع : ما اطمأن من الأرض ، والسملق ـ كجعفر ـ المستوى ، أى : تنسف تلك الجبال ويصير مكانها قاعا صفصفا ، أى : مستويا
(٤) الضمير البارز فى «بعثه» للنبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم
(٥) الشخوص : الذهاب والانتقال إلى بعيد ، وبابه خضع