حجرا ، وأقلّ نتائق الأرض مدرا. وأضيق بطون الأودية قطرا : بين جبال خشنة ، ورمال دمثة (١) ، وعيون وشلة ، وقرى منقطعة ، لا يزكو بها خفّ ، ولا حافر ولا ظلف (٢). ثمّ أمر آدم وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه (٣) ، فصار مثابة لمنتجع أسفارهم ، وغاية لملقى رحالهم. تهوى إليه ثمار الأفئدة (٤) من مفاوز قفار سحيقة. ومهاوى فجاج عميقة ، وجزائر بحار منقطعة ، حتّى يهزّوا مناكبهم ذللا يهلّلون للّه حوله (٥) ، ويرملون على أقدامهم شعثا غبرا له ، قد
__________________
(١) دمثة : لينة يصعب السير فيها والاستنبات منها ، وتقول : دمث المكان دمثا فهو دمث ـ من باب تعب تعبا فهو تعب ـ إذا لان وسهل ، وقد يخفف المصدر بسكون ميمه. وتقول : دمث الرجل دماثة ، أى : سهل خلقه. والوشلة ـ كفرحة ـ : قليلة الماء
(٢) لا يزكو : لا ينمو ، والخف : عبارة عن الجمال ، والحافر : عبارة عن الخيل وما شاكلها. والظلف : عبارة عن البقر والغنم ، تعبير عن الحيوان بما ركبت عليه قوائمه
(٣) ثنى عطفه اليه : مال وتوجه اليه ، ومنتجع الأسفار : محل الفائدة منها ، ومكة صارت بفريضة الحج دارا للمنافع التجارية كما هى دار لكسب المنفعة الأخروية و «ملقى» : مصدر ميمى من «ألقى» أى : نهاية حط رحالهم عن ظهور إبلهم
(٤) تهوى : تسرع اليه ، والثمار : جمع ثمرة. والمراد هنا الأرواح ، والمفاوز : جمع مفازة ، وهى الفلاة لا ماء بها ، والسحيقة : البعيدة ، والمهاوى كالهوات : منخفضات الأراضى ، والفجاج : الطرق الواسعة بين الجبال ، واجد هافج
(٥) «يهزوا» أى : يحركوا مناكبهم ـ أى : روءوس أكتافهم ـ للّه ، يرفعون أصواتهم بالتلبية ، وذلك فى السعى والطواف. والرمل : ضرب من السير فوق المشى ودون الجرى. والأشعث : المنتشر الشعر مع تلبد فيه ، والأغبر : من علا بدنه الغبار