قائم فى سواه معلول ، فاعل لا باضطراب آلة ، مقدّر لا بجول فكرة ، غنىّ لا باستفادة. لا تصحبه الأوقات ، ولا ترفده الأدوات (١) ، سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله.
بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له (٢) ، وبمضادّته بين الأمور عرف أن لا ضدّ له ، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له ، ضادّ النّور بالظّلمة ، والوضوح بالبهمة ، والجمود بالبلل ، والحرور بالصّرد (٣). مؤلّف بين متعادياتها (٤) مقارن بين متبايناتها ، مقرّب بين متباعداتها ، مفرّق بين
__________________
(١) ترفده ـ كتضربه ـ أى : تعينه
(٢) مشعر ـ كمقعد ـ محل الشعور ، أى : الاحساس ، فهو الحاسة ، و «تشعيرها» إعدادها للانفعال المخصوص الذى يعرض لها من المواد ، وهو ما يسمى بالاحساس فالمشعر من حيث هو مشعر منفعل دائما ، ولو كان للّه مشعر لكان منفعلا ، والمنفعل لا يكون فاعلا ، وقد قلنا إنه هو الفاعل بتشعير المشاعر ، وهذا بمنزلة أن يقال : إن اللّه فاعل فى خلقه فلا يكون منفعلا عنهم ، كما يأتى التصريح به ، وإنما خص باب الشعور بالذكر ردا على من زعم أن للّه مشاعر ، وعقده التضاد بين الأشياء دليل على استواء نسبتها اليه ، فلا ضد له ، إذ لو كانت له طبيعة تضاد شيئا لاختص إيجاده بما يلائمها لا ما يضادها ، فلم تكن أضدادا. والمقارنة بين الأشياء فى نظام الخلقة دليل أن صانعها واحد ، إذ لو كان له شريك لخالفه فى النظام الايجادى فلم تكن مقارنة ، والمقارنة هنا : المشابهة
(٣) الصرد ـ محركا ـ : البرد ، أصلها فارسية
(٤) متعادياتها كالعناصر