جزءين اساسين هما الدعوي والدليل عليها. والنظم الطبيعي يقتضي تقديم الدعوي على الدليل وقد تقتضي مصلحة الاقناع العکس وهذا أمر يرجع تقديره الى نفس المتکلم.
اما الاقوال الخطابية فالمناسب لها على الاغلب بالاضافة الى ذينک الجزءين الاساسيين أن تشتمل على ثلاثة أمور أخري : تصدير واقتصاص وخاتمة. ونحن نبينها بالاختصار :
الاول (التصدير). وهو ما يوضع امام الکلام ومقدمة له ليکون بمنزلة الاشارة والايذان بالغرض المقصود للخطيب والفائدة منه اعداد المستمعين وتهيئتهم الى التوجه نحو الغرض. وهو يشبه تنحنح المؤذن قبل الشروع وترنم المغني في ابتداء الغناء. وکذلک کل امر ذي بال يراد منه لفت الانظار اليه ينبغي تصديره بشيء مؤذن به.
والاحسن في الخطابة ان يکون التصدير مشعرا بالمقصود وملوحا له لانه انما يؤتي به لفائدة تهيئة المستمعين لتقبل الغرض المقصود. ولاجل هذا يفتتح خطباء المنبر الحسيني خطاباتهم بالصلاة على الحسين عليه السلام والتظلم له. ويفتتح الکتاب رسائلهم بالبسملة ونحوها وبالسلام والشوق الى المرسل اليه وبما قد يشعر بالمراد کما هو المألوف عند اصحاب الرسائل في العصور المتقدمة.
ولکن ينبغي للخطيب أو الکاتب اذا رأي ان التصدير مما لا بد منه ان يلاحظ فيه أمرين :
١ ـ ألا يفتتح خطابه بما ينفر المخاطبين أو يثير سخطهم کأن يأتي مثلا بما يشعر بالتشاؤم في موضع التهنئة والفرح والسرور أو ما يشعر بالسرور في موضع التعزية والحزن أو يعبر بما يشعر بتعاظمه على المخاطبين ونحو ذلک.
٢ ـ ان يحاول الاختصار جهد الامکان بشرط ان يورده بعبارة مفهمة متينة فان الاطالة في التصدير يضجر المخاطبين فينتقض عليه الغرض قبل الوصول الى