ـ ٣ ـ
البرهان لمي واني
ان العمدة في کل قياس هو الحد الاوسط فيه لأنه هو الذي يؤلف العلاقة بين الاکبر والاصغر فيوصلنا الى النتيجة (المطلوب). وفي البرهان خاصة لا بد أن يفرض الحد الاوسط علة ليقين بالنتيجة اي لليقين بنسبة الاکبر الى الاصغر والا لما کان الاستدلال به اولي من غيره. ولذا يسمي الحد الأوسط (واسطة في الاثبات).
وعليه فالحد الاوسط اما ان يکون مع کونه واسطة في الاثبات واسطة في الثبوت أيضا أي يکون علة لثبوت الاکبر للاصغر واما ان لا يکون واسطة في الثبوت.
فان کان الاول (أي انه واسطة في الاثبات والثبوت معا) فان البرهان حينئذ يسمي (برهان لم) او (البرهان اللمي) لانه يعطي اللمية (١) في الوجود والتصديق معا فهو معط للمية مطلقا فسمي به کقولهم : «هذه الحديدة ارتفعت حرارتها وکل حديدة ارتفعت حرارتها فهي متمددة فينتج هذه الحديدة متمددة» فالاستدلال بارتفاع الحرارة على التمدد استدلال بالعلة على المعلول. فکما اعطت الحرارة الحکم بوجود التمدد في الذهن للحديدة کذلک هي معطية في نفس الامر والخارج وجود التمدد لها.
وان کان الثاني (أي انه واسطة في الاثبات فقط ولم يکن واسطة في الثبوت) فيسمي (برهان إن) أو (البرهان الإنّي) لانه يعطي الانية (٢). والانية مطلق الوجود.
__________________
١ ـ اللمية بتشديد الميم : هي العلية مصدر صناعي مأخوذ من كلمة (لمَ) راجع ص ١١٠ الجزء الاول.
٢ ـ الانية بتشديد النون : مصدر صناعي كاللمية مأخوذة من كلمة (إنّ) المشبهة بالفعل التي تدل على الثبوت والوجود!