قرّب يا جاهل يا أحمق تتعرّض لما تكره (١) ، ويلك يا دعيّ ما دخولك فيما بيننا معشر بني هاشم؟
قال أبوبكر : قد سمعت كلامك ، والله حسبك.
فقال : اخرج قبّحك الله ، والله لئن بلغني أنّ هذا الحديث شاع أو ذكر عنك لأضربنّ عنقك.
ثمّ التفت إليَّ وقال : يا كلب ـ وشتمني ـ وقال : إيّاك أن تظهر هذا ، فإنّما خُيّل لهذا الشيخ الأحمق شيطان يلعب به في منامه ، اخرجا عليكما لعنة الله وغضبه ، فخرجنا وقد يئسنا من الحياة ، فلمّا صرنا إلى منزل الشيخ أبي بكر وهو يمشي وقد ذهب حماره ، فلمّا أراد أن يدخل منزله التفت إلّه ، وقال : احفظ هذا الحديث وأثبته عندك ، ولا تحدّثنّ به هؤلاء الرعاع ولكن حدّث به أهل العقول والدين (٢).
قلت : فانظر إلى ما أصفى الله به هذه الاُسرة الزكيّة ، والعترة النبويّة ، من إظهار فضائلهم ، وإيضاح دلائلهم ، كلّما تقادمت الأيّام أظهر رفعتهم ، وأشهر دينهم ، رام الأعداء استئصال شأفتهم ، وإدحاض حجّتهم ، من حين موت الرسول المصطفى ، وفوت النبيّ المجتبى ، وجحدوا شايع فضلهم ، وأجلبوا عليهم بخيلهم ورجلهم ، من قتل الوصيّ ، وسمّ الزكيّ ، وهظم السبط المعصوم ، والشهيد المظلوم.
وألجأوا سيّد الخلق بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله أن أوصى بإخفاء تربته الشريفة ، وبقعته المنيفة ، حذراً من فتنتهم ، وخوفاً من سفاهتهم ، لعلمه
____________
١ ـ في الأمالي : ولا قربّ من جاهل أحمق يتعرّض لما يكره.
٢ ـ أمالي الطوسي : ٣٢١ ـ ٣٢٥ ح ٩٧ ، عنه البحار : ٤٥/٣٩ ح ١.