ثمّ قال : إن أمير المؤمنين معاوية قد ذاق الموت ، وشرب بكأس الحتف ، وهذه أكفانه ، ونحن مدرجوه فيها ، ومدخلوه قبره ، ومخلون بينه وبين عمله ، فمن كان منكم يريد أن يشهد فليحضر بين الصلاتين ولا تقعدوا عن الصلاة عليه ، ثمّ نزل عن المنبر وكتب إلى يزيد :
[ بسم الله الرحمن الرحيم ] (١)
الحمد لله الّذي لبس ( رداء ) (٢) البقاء ، وكتب على عباده الفناء ، فقال سبحانه : ( كُلُّ مَن عَلَيهَا فَانٍ وَيَبقَى وَجهُ رَبِّكَ ذُوالجَلَالِ وَالإِكرَامِ ) (٣).
لعبد الله أمير المؤمنين يزيد من الضحّاك بن قيس.
أمّا بعد :
فكتابي (٤) إلى أمير المؤمنين كتاب تهنئة ومصيبة ، فأمّا التهنئة فبالخلافة الّتي جاءتك عفواً ، وأمّا المصيبة فبموت أمير المؤمنين معاوية ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فإذا قرأت كتابي هذا فالعجل العجل لتأخذ الناس بالبيعة ، بيعة اخرى مجددة.
قال : فلمّا ورد الكتاب على يزيد وقرأه وثب من ساعته صائحاً باكياً ، وأمر بإسراج دوابّه ، وسار يريد دمشق ، فصار إليها بعد ثلاث من موت معاوية ، وخرج [ الناس ] (٥) إلى استقباله ، فلم يبق أحد يطيق حمل السلاح إلا ركب
____________
١ و٢ و٥ ـ من المقتل.
٣ ـ سورة الرحمن : ٢٦ و٢٧.
٤ ـ كذا في المقتل ، وفي الأصل : فكتب.