علماً وفهماً وصدقاً وورعاً.
قال : فلمّا ورد الكتاب والرأسان على يزيد لعنه الله أمر بالرأسين فنصبا على باب دمشق ، ثمّ كتب إلى ابن زياد :
أمّا بعد :
فإنك عملت عمل الحازم ، وصِلْتَ صولة الشجاع الرابط الجأش ، فقد كفيتَ ووفيتَ ، وقد سألتُ رسوليك فوجدتهما كما زعمتَ ، وقَد أمرتُ لكلّ واحد منهما بعشرة آلاف درهم وسرّحتهما إليك ، فاستوص بهما خيراً وقد بلغني انّ الحسين قد عزم على المصير إلى العراق ، فضع المراصد والمناظر والمسالح واحترس ، واحبس على الظنّ ، واقتل على التهمة ، واكتب إليّ بذلك كلّ يوم بما يحدث من خبر. (١)
قلت : يا من بذل نفسه في طاعة ربّه ووليّ أمره ، وأجهد جهده في جهاد أعداء الله في علانيته وسرّه ، وكشف عن ساق في طلب السعادة الباقية ، وشمّر عن ساعد لتحصيل الدرجة العالية ، حزني عليك أقلقني ، وما اُسدي إليك أرّقني ، ودمعي لما أصابك أغرقني ، ووجدي لمصابك أحرقني ، أدّيت الأمانة جاهداً ، وبذلت النفس مجاهداً ، صابراً على ما أصابك في جنب الله ، مصابراً بقلبك وقالبكأعداء الله ، لم تضرع ولم تفشل ، ولم تهن ولم تنكل ، بل قابلتَ الأعداء بشريف طلعتك ، وقاتلتَ الأشقياء بشدةّ عزمتك.
عاهدوك وغدروا ، وأخلفوك وكفروا ، واستحبّوا العمى على الهدى ، واختار الدنيا على الاُخرى ، فطوّقهم الله بذلك أطواق العار ، وأعدلهم بقتالك
____________
١ ـ مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ١/١٩٧ ـ ٢١٥.