طاعتي الآن كنت متبوعاً وإلا دخلت وأنت تابع ، ولك إن جئتني الآن أن اُعطيك ألف الف درهم ، اعجل في هذا الوقت نصفها ، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر ، فأقبل عبيد الله ليلاً فدخل عسكر معاوية فوفى له بما وعده ، وأصبح الناس ينتظرون أن يخرج فيصلي بهم ، فلم يخرج حتّى أصبحوا فطلبوه فلم يجدوه فصلى بهم قيس بن سعد ، ثمّ خطبهم فقال :
أيها الناس ، لا يهولنّكم ولا يعظمن عليكم ما صنع هذا الرجل الوله الوزع ، إنّ هذا وأباه وأخاه لم يأتوا بخير قطّ ، إنّ أباه عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج عليه يقاتله في بدر فأسّره أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري وأتى به رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخذ فداءه فقسمه بين المسلمين ، فإن أخاه ولاه أمير المؤمنين عليهالسلام على البصرة فسرق مال الله ومال المسلمين فاشترى به الجواري ، وزعم أنّ ذلك له حلال ، وإنّ هذا ولاه أمير المؤمنين عليهالسلام على اليمن فهرب من بسر بن أرطاة وترك ولده حتّى قتلوا وصنع الآن ما صنع.
قال : فتنادى الناس : الحمد لله الّذي أخرجه من بيننا ، انهض بنا إلى عدوّنا ، فنهض وخرج إليه بسر بن أرطاة في عشرين الفاً فصاحوا بهم : هذا أميركم قد بايع ، وهذا الحسن قد صالح ، فعلام تقتلون أنفسكم؟
فقال لهم قيس بن سعد : اختاروا أحد شيئين (١) : إمّا القتال مع غير إمام ، أو تبايعون بيعة ضلال؟
فقالوا : بل نقاتل بلا إمام ، فخرجوا وضربوا أهل الشام حتّى ردّوهم إلى
____________
١ ـ في المقاتل : إحدى اثنتين.