عيونك بالدموع السواجم ، وطلّق النوم إلّا غراراً (١) ، واذرف الدموع من العيون مدراراً ، بمصيبة من هدمت مصيبته الايمان هدماً ، وتهظّمت واقعته الإسلام هظماً ، وأكسبت قلوب المؤمنين حزناً وغمّاً ، وألبست ألباب العارفين حيرة وهمّاً.
يا لها مصيبة شقّت لها من المؤمنين قلوبهم لا جيوبهم ، وتجافت لعظيمها عن المضاجع جنوبهم ، وأبكت السماء دماً وتراباً ، وحيّرت من اُولي العرفان أفكاراً وألباباً ، واضطربت لهولها السبع العلى ، واهتزّ لها عرش المليك الأعلى ، النبيّ والوصيّ فيها أهل العزاء ، وسيّدة النساء تودّ لو تكون له الفداء! أنسى كلّ مصيبة مصابها ، وأمر كلّ طعم صابها ، وأدارت بكؤوس الأحزان على قلوب المؤمنين ، وجدّدت معاهد الأشجان في نفوس المخلصين ، سعرها لا ينسى وإن تقادمت الأيّام ، وذكرها لا يستقصى وإن تعاقب الأعوام ، كست السماء بحمرة نجيع شهدائها شفقاً ، وأذكت في قلوب المؤمنين بقادح زنادها حرقاً ، وأنفدت بتراكم أحزانها ماء الشؤوب ، وأذابت بتفاقم أشجانها القلوب ، فأسالتها دماً من العيون ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، أيّ مصيبة طمت وعمت ، وأشجت قلوب المؤمنين وأغمت؟
فيا إخواني الّذين نوّر الله قلوبهم بأنوار الايمان ، وأظهر نفوسهم على أسرار العرفان ، وسلك بهم سبيل نبيّه وعترته ، وألزمهم التمسّك بحبل وليّه وذرّيّته ، وجعل حبّ آل محمد شعارهم ودثارهم ، وقرّبهم زلفى من رضوانه باتباعهم آثارهم ، جدّدوا في هذا اليوم معاهد الأحزان ، وأفيضوا الدموع المقرحة للأجفان ، واستشعروا شعار الأسف فهذا زمانه ، وأظهروا شعار الجزع
__________________
١ ـ أيّ قليلاً.