غصونه ، أعرض عن الدنيا صفحاً ، وطوى عنها كشحاً ، وشمرّ عنها ذيلاً ، ولم يرزء منها كثيراً ولا قليلاً ، تحبّبت إليه فأبغض ، وتشوّقت نحوه فرفض ، وتعرّضت به فأعرض ، وعلى نفسه وخاصّته تركها أوجب وفرض ، ولأدلّتها نقض ، ولحججها أدحض ، ولم يزل صلوات الله عليه يحذّر غرورها ، ويخوّف زورها ، حتّى نصبت له الغوائل ، وأصمّت منه المقاتل ، وآذته في أهله واُسرته ، وأغرت سفهاءها بنيه وعترته ، وغادرتهم بين قتيل ومطلول ، وأسير مخذول ، وطريد مشرّد ، ومسجون مصفّد ، تساق نساؤهم اُسارى ، على الأقتاب حيارى ، بغير نقاب ولا جلباب ، يطاف بهنّ في البلاد ، ويتشرّفهنّ الحاضر والباد ، فلو أنّ عيناً بعدها كفت لعظيم ما وكفت ، ونفساً تلفت لفرط ما تلهّفت ، وقلب انقطع بسيوف الحزن غمّاً ، وروحاً فارقت جسدها كرباً وهمّاً ، لم يكونوا في شرح الحقيقة ملومين ، ولا بين أرباب الطريقة مذمومين؟
فتفكرّوا في نبيّكم ووليّكم ، وانّهما الّذين هم الوسيلة لكم إلى ربّكم ، كيف تجرّأت لقتالهم بقايا الأحزاب ، وتكالبت على استئصالهم أبناء الكلاب ، وجرّدت عليهم من مناصلها وعواملها ، وفوّقت نحوهم سهامها ومعابلها ، هذا خاتم النبيّين وسيّدالمرسلين إمام الدين ، وقائد الخير ونبيّ الرحمة ، وشفيع الاُمّة ، صاحب الحوض والكوثر ، والناتج والمغفر ، والخطبة والمنبر ، والركن والمشعر ، والوجه الأنور ، والجبين الأزهر ، والدين الأظهر ، والنسب الأطهر ، محمد سيّد البشر ، الّذي لا يسامي في الفضل ، ولا يساوي في المجد ، ولا يجاري في حلبة الفخر ، ولا يضاهى في رفعة القدر.
السبع الطباق ميدان سباقه ، وسدرة المنتهى غاية براقة ، و ( سُبْحَانَ