يعني عليّاً كان ينتظر أجله والوفاء لله بالعهد والشهادة في سبيل الله ، فوالله لقد رزق الشهادة (١).
وبإسناده أيضاً عن زيد ، قال : سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ ، قلت له : أخبرني عن قوله تعالى (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ) (٢) ، قال : نزلت في عليّ وحمزة وجعفر (٣) ...
فهؤلاء الثلاثة كانوا يحوطون النبيّ كما تحوط عينَ الناظر الهُدُبُ ، وكانوا هم عماد المدافعين عنه في أوائل الدعوة الإسلاميّة ، وقد أعلنوا إسلامهم بكل جرأة وتحدّ للحشود القرشية المتظافرة على الفتك برسول الله صلىاللهعليهوآله ، وها قد رأيت الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية الكريمة كيف تعدهم لئالئ في سلك ونظام واحد ، فلماذا يحذف اسم «عليّ» من هذه الكوكبة؟! ما يكون ذلك إلاّ من صنيع المبغضين له والأمويين ومن لفّ لفَّهم ، ويكفيك هذا دليلاً دامغاً على أنّ (نهج الأذان المنامي) حاول التعتيم على الحقيقة المحمدية العلوية ، وحاول القضاء على (نهج الأذان السماوي) ، فلم يتمكنوا من ذلك.
وهؤلاء الثلاثة ـ عليّ وحمزة وجعفر ـ كانت فضائلهم متماسكة متناسقة حتّى سارت على السنة الشعراء ، فقد قال الكميت في بائيته الرائعة :
أولاك نبيّ الله منهم وجعفر |
|
وحمزة ليث الفَيلقَين الُمجرَّبُ |
هُمُ ما هُمُ وتراً وشَفعاً لقومِهم |
|
لفقدانهم ما يُعذَرُ المُتَحَوِّبُ |
قتيل التَّجوبي الذي استوأرت به |
|
يساق به سَوقاً عنيفاً ويجنبُ |
قال شارح القصيدة : قتيل التجوبي هو عليّ بن أبي طالب ، وتجوب قبيلة وهم
__________________
(١) شواهد التنزيل ٢ : ٦ ، ح ٦٢٨. وانظر : التبيان ٥ : ٣١٨ ، وتفسير القمّي ٢ : ١٨٨.
(٢) الحجّ : ٤٠.
(٣) شواهد التنزيل ١ : ٥٢١ ، ح ٥٥٢.