فلما قال لي ذلك سألت الله : أن يطلعني على فائدة هذه المسألة ، وما هذه التي جعل الله نفسه في مقابلتها ، وجبريل ، وصالح المؤمنين ، والملائكة؟!
فأُخبرت بها ، ما سررت بشيء سروري بمعرفة ذلك ، وعلمت لمن استندتا هاتان المرأتان ، ومن يقويهما.
ولولا ما ذكر الله نفسه في النصرة ، ما استطاعت الملائكة ، والمؤمنون مقاومتهما ، وعلمت أنهما حصل لهما من العلم بالله ، والتأثير في العالم ما أعطاهما هذه القوة ، وهذا من العلم الذي كهيئة المكنون ، فشكرت الله على ما أولى ..
فما أظن أحداً من خلق الله استند إلى ما استند هاتان المرأتان ..
يقول لوط عليهالسلام : (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) (١) .. فكان عنده الركن الشديد ، ولم يكن يعرفه. فإن النبي قد شهد له بذلك ، فقال : يرحم الله أخي لوطاً ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد ..
وعرفتاه عائشة وحفصة ، فلو علم الناس علم ما كانتا عليه لعرفوا معنى هذه الآية : (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (٢) ..» (٣).
ونقول :
انظر كيف يحول ابن عربي آياتٍ ، ذمَّ الله تعالى فيها عائشة وحفصة على تظاهرهما على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حتى لقد ضرب الله لهما مثلاً بامرأتي نوح ولوط ، الكافرتين ـ يحوله ـ إلى أعظم المدح والثناء.
ويعتبر أن ما فعلتاه من أذى وتظاهر على رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) الآية ٨٠ من سورة هود.
(٢) الآية ٤ من سورة الأحزاب.
(٣) الفتوحات المكية ج ٣ ص ١٥١ و ١٥٢ تحقيق إبراهيم مدكور وعثمان يحيى.