مادام بهذه الصفة ، والمفروض أنَّ هذه الصفة تلازم المعصوم عليهالسلام إلى حين تورُّطه في الحادث.
إلاَّ أنَّ هذا الوجه ـ أيضاً ـ ليس بصحيح ؛ لأنَّه منقوض بما دلَّ مِن الروايات الواردة عنهم عليهمالسلام ، على علمهم بحصول الموت لدى السير في هذا الطريق قبل التورُّط فيه ، كالذي ورد عن الحسين عليهالسلام حين يقول : «كأنِّي بأوصالي تُقطِّعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ، فيملأن منِّي أكراشاً جوفاً وأجربه سُغباً ، لا محيص عن يوم خُطَّ بالقلم ، رضى الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفِّينا أجور الصابرين» (١). ثمَّ قال في نفس الخُطبة : «فمَن كان باذلاً فينا مُهجته موطِّناً على لقاء الله نفسه ؛ فليرحل معنا ؛ فإنِّي راحل مُصبِّحاً إنْ شاء الله تعالى» (٢).
وكلُّ ذلك واضح الدلالة في علمه عليهالسلام ، بموته وموت كلِّ أصحابه (سلام الله عليهم أجمعين).
وكذلك الإمام الرضا عليهالسلام ، حين مشى بطريق الموت ؛ فإنَّه قال فيما قال لأبي الصلت الهروي (٣) : «فإنْ أنا خرجت إليك وأنا مكشوف الرأس
__________________
(١) اللهوف لابن طاووس ص ٢٦ ـ ابن نما الحلِّي ص ٢٩ ـ كشف الغمَّة للأربلي ج ٢ ص ٢٤١ ـ مقتل الخوارزمي ج ٢١ ص ٥.
(٢) نفس المصدر.
(٣) أبو الصلت الهروي : هو عبد السلام بن سالم الهروي ، روى عن الرضا عليهالسلام ، ثقة صحيح الحديث قاله النجاشي والعلاَّمة. له كتاب وفاة الرضا عليهالسلام وكان كما يشعر به بعض الكلمات مُخالطاً للعامَّة وراوياً لأخبارهم ، فلذلك التبس أمره على بعض المشايخ ، فذكر أنَّه عامِّيٌّ. قال الأُستاذ الأكبر في التعليقة بعد نقل كلام الشهيد الثاني في تشيُّعه : لا يخفى أنَّ الأمر كذلك فإنَّ الأخبار الصادرة عنه في العيون والأمالي وغيرهما الصريحة الناصعة على تشيعه ، بلْ كونه مِن خواصِّ الشيعة أكثر مِن أنْ تُحصى وعلماء العامَّة ذكروه. قال اذهني في ميزان الاعتدال : عبد السّلام بن صالح أبو الصلت الهروي رجل صالح إلاَّ أنَّه شيعي. ونقل عن الجُعفي : أنَّه رافضي خبيث. وقال الدار قطني أنَّه رافضي مُتَّهم. وقال ابن الجوزي : إنَّه خادم للرضا شيعي مع صلاحه. وروي أنَّ المأمون حَبس أبا