الذِّكْرَى) (١). إلى آخر المورد. وكقوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٢). إلى غير ذلك مِن الموارد.
الوجه الرابع : إنَّنا لو تنزَّلنا عن قبول الوجوه السابقة ، فمعنى ذلك : أنَّ ظاهر القرآن الكريم دالٌّ على حاجة النبي صلىاللهعليهوآله إلى مُشاورة غيره مِن البشر ، وليس مؤيَّداً ولا مُسدَّدا بالوحي الإلهي والحكمة الإلهيَّة ؛ فيكون هذا الظهور غير مُحتمل دينيَّاً على الإطلاق ، وكلُّ ظهور قرآني أو غيره يُنافي القواعد العامَّة العقليَّة أو النقليَّة ، فإنَّه يسقط عن الحُجيَّة ، ولا بُدَّ مِن تأويله بحيث يوافق تلك القواعد ، فإنَّنا إذا تنزَّلنا وقَبِلنا في حقِّ أيِّ معصوم أنَّه قائد دنيويٌّ ، فلا يُمكن ذلك بالنسبة إلى النبي صلىاللهعليهوآله قائد الإسلام ، والقول بذلك خروج عن دينه الحنيف.
وبهذا ينتهي الحديث عن الاستدلال بالآية الكريمة.
الدليل الثاني : لا بُدَّ أنْ نحمل القائد المعصوم على أنَّه قائد دنيوي ، وأنَّنا مُكلَّفون بعرض محاسن الدين الإسلامي للكفَّار والفسَّاق والدنيويِّين عموماً ـ لو صحَّ التعبير ـ ومِن الواضح أنَّ هذه الطبقات لا تؤمن بالمعصوم معصوماً ، بلْ غاية ما يُستطاع إقناعهم به هو كونه قائداً دنيويَّاً فَذَّاً حكمياً رشيداً ناجحاً في قيادته ، فإذا توقَّف عرض محاسن الإسلام عليهم على هذا النحو مِن التفكير ، أصبح صحيحاً ومُتعيِّناً.
__________________
(١) سورة عبس آية (١ ـ ٤).
(٢) سورة الحاقة آية (٤٤ ـ ٤٦).