المستوى الثالث : إنّ الإمام الحسين عليهالسلام نفّذ قضاء الله وقدره الذي يعلمه بالإلهام أو بالرواية ، والذي لم يكن منه بُدّ ، بل كان واجباً عليه تنفيذه كوجوب صلاة الظهر علينا ، وقد ضحّى به امتثالاً لأمر الله سبحانه وتسليماً لقضائه. ومن هنا وردَ عن لسانه : «شاء الله أن يراهنّ سبايا». وعن طفله : «شاء الله أن يراه مذبوحاً». والمشيئة إمّا أن تكون تكوينية يعني من القضاء والقدر ، أو تشريعية يعني التكليف والوجوب ، وهي على كلا التقديرين محبوبة لأهل الله سبحانه ومنهم الحسين عليهالسلام ، وهناك مستويات أخرى من الوجوب لا حاجة إلى التطويل بها.
الجهة الخامسة : رويَ أنّه كان من جملة أساليب المحاربة ضدّ الحسين عليهالسلام بعد مقتل أصحابه وأهل بيته : أنّه رماهُ أحد القوم بسهم محدّد مسموم له ثلاث شُعب وقعَ على صدره ، وفي بعض الروايات : وقعَ على قلبه ، فأخذَ السهم فأخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب (١).
فهنا قد يحصل سؤالان :
السؤال الأوّل : كيف يمكن أن يكون للسهم ثلاث شُعب وهذا غير معهود في التاريخ ، بل لا يصلح مثل ذلك للرمي كسائر السهام؟
والسؤال الثاني : عن إخراجه من قفاه ، وهل يمكن ذلك؟ وإذا أمكنَ فهو يؤدّي إلى الوفاة فوراً ، مع أنّ هذا لم يحصل؟
أمّا الجواب عن السؤال الأوّل : فبعد تسليم صحّة سند الرواية ، لا نجد أنّها تشير إلى أنّ الشُعب الثلاث متساوية في الارتفاع أم لا ، ولا أنّها قد أصابت جميعاً صدر الحسين عليهالسلام ، بل من الممكن أنّه يكون لهُ رأس واحد كبير ورأسان أصغر منه ، والتأثير الأساسي ـ سواء في الرمي أو في الإصابة ـ للكبير دون
__________________
(١) اللهوف لابن طاووس : ص ٥١ ، الخوارزمي : ج ٢ ، ص ٣٤ ، البحار : ج ٤٥ ، ص ٥٣.