يَعلم أنّه عدوّه وعدوّ الحسين عليهالسلام وعدوّ الله عزّ وجل ، وإنّ قتلهُ مهمّ جدّاً في إمكان السيطرة على المجتمع في الكوفة ، وتفريق القيادة من المنافقين الذين جَمعهم ابن زياد وتركيزها بيد أهل الحقّ.
والجواب على ذلك يكون من وجوه :
الوجه الأوّل : كراهة هانئ بن عروة أن يُقتل عبيد الله بن زياد في داره ، ومسلم بن عقيل كان ضيفاً لدى هانئ ، وكان ولا يزال يخدمه بالسمع والبصر ويؤدّي لمسلم أيّ مصلحة عامّة أو خاصّة ، فإذا فعلَ في داره ما يكرهه حَصلت عدّة مضاعفات :
أوّلاً : الإحراج أمام هانئ نفسه أخلاقيّاً ؛ فإنّ مقتضى المسؤوليّة الأخلاقيّة أن لا يفعل في داره ما لا يُحب ، وخاصّة وهو بهذه الصفة العظيمة في الانتصار له.
ثانياً : تحريم تصرّفه في الدار بعد ذلك ، لو كان قد فعلَ ما يكرههُ صاحبها ، ممّا يضطرّه للانتقال إلى دار شخص آخر ، وقد لا يجد شخصاً جامعاً للشرائط المتوفرة في هانئ ، أو قل : لا يجد له مثيلاً في سكّان الكوفة.
ثالثاً : إحراج موقف هانئ من حصول هذا القتل في داره ، الأمر الذي أثار في نفسه هذه الكراهة ؛ فإنّه كان رئيساً لقبيلة مذحج ، ولهُ اتصالات ومجاملات ومصالح في مختلف أوساط المجتمع ، فإذا قُتل ابن زياد في داره كان ذلك إحراجاً لهُ أمام شريحة مهمّة في المجتمع ، وهذا ما يكرهه ، ولا يريد مسلم بن عقيل إثارة هذا الإحراج أمامه ، وتفكير هانئ بهذا الشكل ، تفكيرٌ على المستوى الدنيوي ، ولكنّه قائم على أيّ حال.
وهو بطبيعة الحال ، لا يَدرك ما ندركه أو نحتمله نحن الآن بعد ألف سنة وحوالي النصف من ذلك التاريخ ، من وجود مصلحة عامّة في قتله ، بحيث تجب