جدّاً إلى واقعة الطف ، بعنوان أنّها بلسان الحال لا بلسان المقال.
وهذا ليس خطأ كلّه ، بل يُحمل جانباً من الصواب من الناحية الفقهيّة ؛ فإنّ النقل بالمعنى عن الروايات جائز إن كانت الرواية بدورها مُحرَزة الصحّة ، كما أنّ النقل بلسان الحال جائز إذا أحرزنا أنّ حال المتكلّم في تلك الساعة على ذلك ، إلاّ أنّنا مع ذلك ينبغي أن نكون على حذرٍ شديد من هذه الناحية ، لعدّة وجوه :
الوجهُ الأوّل : إنّنا لا نستطيع أن نعلم حالهم رضوان الله عليهم ، لا الحسين عليهالسلام ، ولا أصحابه ، ولا نساءه ، ولا أيّ واحدٍ هناك منهم ؛ لأنّهم أعلى وأجلّ من أن نعلم ما يدور في خواطرهم وما تُخفيه سرائرهم ، في حين أنّنا بعيدون عنهم زمناً ومكاناً وثقافة ومستوى ، وغير ذلك ، إذاً فنحن جاهلون بحالهم لا أنّنا عالمون به لنستطيع التعبير عنه بأيّ حالٍ من الأحوال ، وإنّما يجوز الحديث بلسان الحال مع إحراز المطابقة للواقع ، وأنّى لنا ذلك؟
الوجهُ الثاني : إنّ ما يكون بلسان الحال إنّما هو الأقوال لا الأفعال ، فلو تنزّلنا جَدلاً عن الوجه الأوّل أو تمّ لدينا ذلك الوجه ، فإنّما يجوز النقل بلسان الحال في الأقوال وحدها ، أمّا نقل الأفعال والتلفيق فيها بعنوان كونها بلسان الحال ، فهذا لا معنى له ولا بيان له.
الوجهُ الثالث : إنّنا لو تنزّلنا جَدلاً عن الوجه الأوّل أو تمّ لنا ذلك الوجه ، فإنّه يتمّ بمعنى أنّ الحالة العامّة التي كانوا فيها معلومة لنا إجمالاً. وأمّا التفاصيل فمن غير المحتمل أن ننال منها شيئاً ، فمثلاً ما الذي خطرَ في ذهن الحسين عليهالسلام حين أخذَ رضيعه معه ليسقيه الماء ، أو في أيّة حادثة معيّنة أخرى؟ هذا متعذّر فهمه تماماً في حدود البُعد الزمني والثقافي والإيماني عنه عليهالسلام.